الأشدق في شراب شربه فوجد عليه ابنه عمر بن عبد العزيز؛ فلما ولي عمر المدينة وجد إسحاق بن علي بن عبد الله بن جعفر في بيت خليدة العرجاء، فحدّه عمر حدّ الخمر؛ فقال إسحاق: يا عمر، كل الناس جلدوا فى الخمر؛ يعرّض بأبيه عبد العزيز. اهـ.
ولما أقام عبد العزيز بمصر وقع بها الطاعون في سنة سبعين، فخرج عبد العزيز من مصر ونزل بحلوان فأعجبته فاتخذها سكناً، وجعل بها الحرس والأعوان وبنى بها الدور والمساجد وعمرها أحسن عمارة وغرس نخلها وكرمها، ثم جهز البعث لقتال ابن الزبير في البحر في سنة اثنتين وسبعين. ثم لما طالت أيام عبد الملك في الخلافة بعد قتل عبد الله بن الزبير ثقل عليه أمر عبد العزيز هذا وأراد أن يخلعه من ولاية العهد ويجعلها عبد الملك لولديه الوليد وسليمان من بعده؛ فمنعه قبيصة بن ذؤيب من ذلك، وكان قبيصة على خاتم عبد الملك، وقال له: لا تفعل ذلك، فإنك باعث على نفسك صوتاً، ولعل الموت يأتيه فتستريح منه؛ فكف عن ذلك ونفسه تنازعه، حتى دخل عليه روح بن زنباع الجذامي، وكان أجل الناس عند عبد الملك، فشاوره في ذلك، فقال روح: لو خلعته ما انتطح فيها عنزان؛ فبينما هما على ذلك، وقد نام عبد الملك وروح تلك الليلة عنده، إذ دخل عليهما قبيصة ليلاً، وكان لا يحجب عن عبد الملك، وكانت الأخبار والكتب تأتيه فيقرؤها قبل عبد الملك؛ فقيل له: قد جاء قبيصة؛ فدخل قبيصة فقال: آجرك الله يا أمير المؤمنين في عبد العزيز، فاسترجع عبد الملك وقال لروح: يا أبا زرعة، كفانا الله ما أجمعنا عليه؛ فقال له قبيصة:
فداك ما أردت ولم تقطع رحم أبيك، ولم تأت ما تعاب به، ولم يظهر عليك غدر.
وقيل غير ذلك: وهو أن عبد الملك كتب لأخيه عبد العزيز هذا: يا أخي، إن رأيت أن تصير الأمر لابن أخيك الوليد فافعل؛ فأبى عبد العزيز؛ فكتب إليه عبد الملك ثانية: فاجعله من بعدك، فإنه أعز الخلق إلي؛ فكتب إليه عبد العزيز: