يستأذنه فى الدخول إليها، ويصف دمشق ويذكر ما قاساه فى الغربة؛ وقد أحسن فيها كلّ الإحسان واستعطفه كلّ الاستعطاف، وأوّلها:
ماذا على طيف الأحبّة لو سرى ... وعليهم لو سامحونى فى الكرى
ثم وصف دمشق وقال:
فارفتها لا عن رضا وهجرتها ... لا عن قلّى ورحلت لا متخيّرا
أسعى لرزق فى البلاد مشتّت ... ومن العجائب أن يكون مقتّرا
وأصون وجه مدائحى متقنّعا ... وأكفّ ذيل مطامعى متستّرا
ومنها يشكو الغربة:
أشكو إليك نوى تمادى عمرها ... حتّى حسبت اليوم منها أشهرا
لا عيشتى تصفو ولا رسم «١» الهوى ... يعفو ولا جفنى يصافحه الكرى
أضحى عن الأحوى المريع محلّأ ... وأبيت عن ورد النّمير منفّرا
ومن «٢» العجائب أن يقيل بظلّكم ... كلّ الورى وأبيت وحدى بالعرا
فلمّا وقف عليها العادل أذن له فى الدخول إلى دمشق، فلمّا دخلها قال:
هجوت الأكابر فى جلّق «٣» ... ورعت الوضيع بسبّ الرّفيع
وأخرجت منها ولكنّنى ... رجعت على رغم أنف الجميع
وفيها توفّى أبو الخطّاب بن دحية المغربىّ. قال أبو المظفّر: كان فى المحدّثين مثل ابن عنين فى الشعراء، يثلب علماء المسلمين ويقع فيهم، ويتزيّد فى كلامه، فترك الناس الرواية عنه وكذّبوه. وكان الكامل مقبلا عليه، فلمّا انكشف له حاله