ووقع فى قلبى أنّه لا ننتصر لانتصارنا بالفرنج- قلت: عليه من الله ما يستحقّه من الخزى. وإيش يفيد تقصيره بعد أن صار هو والفرنج يدا واحدة على المسلمين! - قال: ووصلت عسكر دمشق معه فى أسوأ حال.
وأمّا مصر فزيّنت زينة لم ير مثلها، وضربت البشائر ودخلت أسارى الشام الفرنج والأمراء، وكان يوما مشهودا بالقاهرة. ثم عطف حسام الدين بن أبى علىّ، وركن الدين بيبرس فنازلوا عسقلان وحاصروها وبها الفرنج الذين تسلّموها فجرح حسام الدين، ثم ترحّلوا إلى نابلس، وحكموا على فلسطين والأغوار إلا عجلون فهى بيد سيف الدين [بن] قليج نيابة عن الناصر داود. ثم بعث السلطان الملك الصالح نجم الدين وزيره معين الدين ابن الشيخ على جيشه وأقامه مقام نفسه، وأنفذ معه الخزائن وحكّمه فى الأمور، وسار إلى الشام ومعه الخوارزميّة، فنازلوا دمشق وبها الصالح إسماعيل والمنصور صاحب حمص؛ فذلّ الصالح إسماعيل، وبعث وزيره أمين الدولة مستشفعا بالخليفة ليصلح بينه وبين ابن أخيه الملك الصالح نجم الدين، فلم يظفر بطائل، ورجع واشتدّ الحصار على دمشق، وأخذت بالأمان لقلّة من مع صاحبها، ولعدم الميرة بالقلعة، ولتخلّى الحلبيّين عنه، فترحّل الصالح إسماعيل إلى بعلبكّ، والمنصور إلى حمص، وتسلّم الصاحب معين الدين القلعة والبلد.
ولمّا رأت الخوارزميّة أنّ السلطان قد تملّك الشام بهم وهزم أعداءه صار لهم عليه إدلال كثير، مع ما تقدّم من نصرهم له على صاحب الموصل قبل سلطنته وهو بسنجار، فطمعوا فى الأخباز العظيمة؛ فلمّا لم يحصلوا على شىء فسدت نيتهم له وخرجوا عليه، وكاتبوا الأمير ركن الدين بيبرس البندقدارىّ، وهو أكبر أمراء الصالح نجم الدين أيّوب، وكان بغزّة، فأصغى إليهم- فيما قيل- وراسلوا صاحب