فيها كان الوباء ببغداد وتزايدت الأمراض. وتوفّى الخليفة المستنصر وبويع ابنه المستعصم.
وفيها عزم الملك الصالح المذكور على التوجّه إلى الشام، فقيل له: البلاد مختلّة والعساكر مختلفة، فجهّز إليها العساكر وأقام هو بمصر.
وفيها توفّى كمال الدين أحمد ابن صدر الدين شيخ الشيوخ بمدينة غزّة فى صفر عن ستّ وخمسين سنة، وبنى عليه أخوه معين الدين قبّة على جانب الطريق، وكان قد كسره الجواد بعسكر الملك الناصر داود صاحب الكرك؛ وقيل: إنّه مات مسموما.
ومن شعره ما كتبه لابن عمّه «١» سعد الدين:
لو أنّ فى الأرض جنّات مزخرفة ... تحفّ أركانها الولدان والخدم
ولم تكن رأى عينى فالوجود بها ... إذ لا أراك وجود كلّه عدم
وفيها توفّى الخليفة أمير المؤمنين المستنصر بالله أبو جعفر منصور ابن الخليفة الظاهر بأمر الله محمد ابن الخليفة الناصر لدين الله أبى العباس أحمد ابن الخليفة المستضىء بأمر الله حسن ابن الخليفة المستنجد بالله يوسف العباسىّ الهاشمىّ البغدادىّ.
مولده فى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ببغداد، وأمّه أمّ ولد تركيّة، بويع بالخلافة بعد موت أبيه الظاهر بأمر الله فى شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة؛ ولمّا ولى الخلافة نشر العدل فى الرعايا وبذل الإنصاف، وقرّب أهل العلم والدين، وبنى المساجد والرّبط والمدارس، وأقام منار الدين وقمع المتمرّدة، ونشر السنن وكفّ الفتن. وكان أبيض أشقر الشعر ضخما قصيرا، وخطه الشيب فخضب بالحنّاء، ثم ترك الخضاب. ومات فى العشرين من جمادى، وقيل: فى يوم الجمعة عاشر جمادى الآخرة عن إحدى وخمسين سنة وأربعة أشهر وتسعة أيام وكتم موته،