وصودر هناك، وباع أملاكه؛ وبعد ذلك جاءه داود النصرانىّ [سيف «١» النّقمة] فقال: قد أمرنا بحملك إلى بعلبكّ، فأيقن بالهلاك؛ فقال: دعونى أصلى ركعتين! فقال له داود: صلّ، فقام يصلّى فأطال، فرفسه داود من رأس شقيف مطلّ على نهر إبراهيم فوقع، فما وصل إلى الماء إلا وقد تقطّع- وقيل: إنّه تعلّق بذيله بسنّ الجبل فما زال داود يضربه بالحجارة حتّى قتله-. قلت: لا شلّت يداه! فإنّه كان من مساوىء الدنيا!.
وفيها توفّى الملك المغيث عمر بن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيّوب صاحب الترجمة، مات فى حياة والده الملك الصالح فى حبس دمشق- بعد أن عجز والده فى خلاصه- فى يوم الجمعة ثانى عشرين شهر ربيع الآخر، وحمل إلى تربة جدّه الملك الكامل محمد فدفن بها، وكان شابّا حسنا عاقلا ديّنا. وقد مرّ من ذكره نبذة كبيرة فى عدّة مواضع من هذا الكتاب.
وفيها توفّى شمس الأئمة محمد بن عبد الستّار بن محمد الإمام العلّامة فريد دهره ووحيد عصره المعروف بشمس الأئمة الكردرىّ «٢» البراتقينىّ الحنفىّ. وبراتقين: قصبة من قصبات كردر من أعمال جرجانيّة «٣» . قال الذهبىّ: كان أستاذ الأئمة على الإطلاق والموفود إليه من الآفاق؛ برع فى علوم، وأقرأ فى فنون؛ وانتهت إليه رياسة الحنفيّة فى زمانه. انتهى. قلت: وشمس الأئمة أحد العلماء الأعلام وأحد من سار ذكره شرقا وغربا، وانتشرت تصانيفه فى الدنيا- رحمه الله تعالى-.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفّى شيخ الشيوخ تاج الدين عبد الله بن عمر بن علىّ الجوينىّ فى صفر، وله سبعون «٤» سنة. وأبو المنصور