الغدر! وكانت المصلحة ما قاله حسام الدين. فقووا عليه وأطلقوه طمعا فى المال! فركب فى البحر الرومىّ فى شينىّ «١» . وذكر حسام الدين أنّه سأل الفرنسيس عن عدّة العسكر الذي كان معه لمّا قدم لأخذ دمياط؛ فقال: كان معى تسعة آلاف وخمسمائة فارس، ومائة ألف وثلاثون ألف طبسىّ «٢» سوى الغلمان والسّوقة والبحّارة. انتهى.
قال سعد الدين فى تاريخه: اتّفقوا على أن يسلّم الفرنسيس دمياط، وأن يعطى هو والكنود ثمانمائة ألف دينار عوضا عما كان بدمياط من الحواصل، ويطلقوا أسرى المسلمين، فحلفوا على هذا؛ وركبت العساكر ثانى صفر إلى دمياط قرب الظهر، وساروا حتّى دخلوها، ونهبوا وقتلوا من بقى من الفرنج حتّى ضربتهم الأمراء وأخرجوهم، وقوّموا الحواصل التى بقيت فى دمياط بأربعمائة ألف دينار؛ وأخذوا من الملك الفرنسيس أربعمائة ألف دينار، وأطلقوه العصر هو وجماعته؛ فانحدروا فى شينى إلى البطس «٣» ، وأنفذ رسولا إلى الأمراء الصالحيّة يقول: ما رأيت أقلّ عقلا ولا دينا منكم! أمّا قلّة الدين فقتلتم سلطانكم بغير ذنب (يعنى لمّا قتلوا ابن أستاذهم الملك المعظّم توران شاه بعد أخذ دمياط بأيّام) على ما سنذكره هنا إن شاء الله تعالى. قال: وأمّا قلّة العقل فكذا، مثلى ملك البحر وقع فى أيديكم بعتموه بأربعمائة ألف دينار، ولو طلبتم مملكتى دفعتها لكم حتّى أخلص. ثم لمّا سار إلى بلاده أخذ فى الاستعداد والعود إلى دمياط فأهلكه الله تعالى. وندمت الأمراء على إطلاقه. ولمّا أراد الفرنسيس العود إلى دمياط قال فى ذلك الصاحب جمال الدين «٤» يحيى بن مطروح قصيدته المشهورة، وكتب بها إليه يعنى إلى الفرنسيس، وهى: