وكان عدوّ أستاذهم الملك الصالح المذكور، ووقفوا به عند التّربة، وقالوا: يا خوند، أين عينك ترى عدوّك أسيرا بأيدينا! ثمّ سحبوه ومضوا به إلى الحبس، فحبسوه هو وأولاده أيّاما ثم غيّبوه إلى يومنا هذا، ولم يسمع عنه خبر إلّا ما تحدّث به العوامّ بإتلافه.
وأمّا عساكر الناضر الذين كانوا بالعبّاسة (أعنى الذين كسروا الملك المعزّ أيبك أوّلا) فإنّ المعزّ لمّا تمّ له النصر وهزم الناصر ردّ إلى المذكورين فى عوده إلى القاهرة، ومال عليهم بمن معه قتلا وأسرا حتى بدّد شملهم، ورحل إلى القاهرة بمن معه من الأسارى وغيرهم. ولمّا دخل الملك المعزّ أيبك هذا إلى القاهرة ومعه المماليك الصالحيّة مالوا على المصريّين قتلا ونهبا ونهبوا أموالهم وسبوا حريمهم وفعلوا بهم ما لم يفعله الفرنج بالمسلمين.
قلت: وسبب ذلك أنّه لمّا بلغهم كسرة المعزّ فرحوا وتباشروا بزوال المماليك من الديار المصريّة، وأسرعوا أيضا بالخطبة للملك «١» صلاح الدّين يوسف صاحب الشام المقدّم ذكره. وكان وزير «٢» الملك الصالح إسماعيل المقدّم ذكره معتقلا بقلعة»
الجبل هو وناصر الدين [إسماعيل]«٤» بن يغمور نائب الشام وسيف الدين القيمرىّ والخوارزمىّ صهر الملك الناصر يوسف، فخرجوا من الجبّ «٥» وعصوا بقلعة الجبل، فلم يوافقهم سيف الدين القيمرىّ بل جاء وقعد على باب الدار التى فيها أعيان الملك المعزّ أيبك وحماها من النهب، ولم يدع أحدا يقربها؛ وأمّا الباقون فصاحوا: