وفيها توفّيت أرغوان «١» الحافظية عتيقة الملك العادل أبى بكر بن أيّوب، سمّيت الحافظيّة لأنّها ربّت الملك الحافظ صاحب [قلعة]«٢» جعبر، وكانت امرأة عاقلة صالحة، وكانت مدّة حبس الملك المغيث ابن الملك الصالح نجم الدين أيّوب بدمشق تهيّي له الأطعمة والأشربة وتبعث له النياب، فحقد عليها الملك الصالح إسماعيل فصادرها وأخذ منها أموالا عظيمة، يقال: إنّه أخذ منها أربعمائة صندوق. ولها تربة ومسجد ووقفت عليهما أوقافا.
وفيها قتل الأمير شمس الدين لؤلؤ بن عبد الله مقدّم عسكر حلب، وهو الذي قتلته المماليك الصالحيّة فى الوقعة التى كانت بين الناصر والمعزّ صاحب الترجمة. وكان أميرا شجاعا مقداما زاهدا مدبّرا عظيم الشأن، وكان فيه قوّة وبأس غير أنّه كان مستخفّا بالمماليك، ويقول: كلّ عشرة من المماليك فى مقابلة كرىّ، ولا زال يمعن فى ذلك حتى كانت منيته بأيدى المماليك الصالحيّة كما تقدّم ذكره.
وفيها توفّى ابو «٣» الحسن المتطبّب وزير الملك الصالح إسماعيل، وهو الذي كان السبب زوال ملك مخدومه، فإنّه كان سيىء السّيرة كثير الظلم قليل الخير، وكان يتستّر بالإسلام، وكان يرمى فى دينه بعظائم؛ وقيل: إنّه كان أوّلا سامريّا فلم يحسن إسلامه؛ وظهر له بعد موته من الأموال والجواهر والتّحف والذخائر ما لا يوجد فى خزائن الخلفاء، وأقاموا ينقلونه مدّة سنين. وقيمة ما ظهر له غير ما ذهب عند الناس ثلاثة آلاف ألف دينار؛ ووجد له عشرة آلاف مجلّد من الكتب النفيسة والخطوط المنسوبة. قال الشيخ إسماعيل [بن علىّ «٤» ] الكورانىّ يوما وقد زاره الوزير