فيها وصلت الأخبار من مكّة بأنّ نارا ظهرت فى أرض عدن «١» فى بعض جبالها، بحيث يطير شررها إلى البحر فى الليل، ويصعد منها دخان عظيم فى النهار، فما شكّوا أنّها النار التى ذكر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّها تظهر فى آخر الزمان. فتاب الناس وأقلعوا عمّا كانوا عليه من المظالم والفساد، وشرعوا فى أفعال الخير والصدقات.
قلت: وقد تقدّم «٢» ذكر هذه النار بأوسع من هذا فى ترجمة الملك المعزّ هذا.
وفيها وصلت الأخبار من الغرب باستيلاء إنسان على إفريقيّة وادّعى أنّه خليفة، وتلقّب بالمستنصر «٣» ، وخطب له فى تلك النواحى، وأظهر العدل وبنى برجا وأجلس الوزير والقاضى والمحتسب بين يديه يحكمون بين الناس، وأحبّته الرعيّة وتمّ أمره.
وفيها توفّى الإمام عبد الحميد بن عيسى الخسرو «٤» شاهىّ. كان إماما فاضلا فى فنون، وصحب الفخر الرازىّ ابن خطيب الرّىّ، وأقام عند الملك الناصر داود سنين كثيرة بدمشق والكرك، وكان متواضعا كبير القدر كثير الإحسان. مات بدمشق ودفن بقاسيون فى تربة المعظّم عيسى.