الناس بين أيدهم، وخاف أهل دمشق خوفا شديدا، وأقاموا الجميع على حمص حتّى قدم إليهم التّتار فى أوائل المحرّم من سنة تسع وخمسين وستمائة، وكانوا فى ستّة «١» آلاف فارس، فخرج إليهم الملك المنصور صاحب حماة والأشرف صاحب حمص والجوكندارىّ العزيزىّ بعساكر حلب، وحملوا عليهم حملة رجل واحد فهزموهم وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وهرب الأمير بيدرا مقدّم التّتار فى نفر يسير، وكانت الوقعة عند قبر «٢» خالد بن الوليد- رضى الله عنه- ثم عاد التتار إلى حلب وفعلوا بأهلها تلك الأفعال القبيحة على عادتهم.
وأمّا الملك الظاهر بيبرس صاحب الترجمة فإنّه كاتب أمراء دمشق يستميلهم إليه ويحضّهم على منابذة الأمير علم الدين سنجر الحلبىّ والقبض عليه، فأجابوه إلى ذلك وخرجوا من دمشق منابذين لسنجر، وفيهم: الأمير علاء الدين أيدكين البندقدارىّ (أعنى أستاذ الملك الظاهر بيبرس المذكور) الذي قدّمنا من ذكره أنّ الملك الصالح نجم الدين أيّوب اشتراه منه. انتهى. والأمير بهاء الدين بغدى فتبعهم الحلبىّ بمن بقى معه من أصحابه، فحاربوه فهزموه وألجئوه إلى قلعة دمشق فأغلقها دونهم؛ وذلك فى يوم السبت حادى عشر صفر من السنة. ثم خرج الأمير علم الدين سنجر الحلبىّ تلك الليلة من القلعة وقصد بعلبك، فدخل قلعتها ومعه قريب عشرين نفرا من مماليكه؛ فدخل الأمير علاء الدين أيدكين البندقدارىّ دمشق، واستولى عليها وحكم فيها نيابة عن الملك الظاهر بيبرس؛ ثم جهّز عسكرا