المذكور؛ فقال أيدغدى بحضرة السلطان: يا تاج الدين، نترك مذهب الشافعىّ لك، ونولّى معك من كلّ مذهب قاضيا، فمال الملك الظاهر إلى كلامه، وكان لأيدغدى منه محلّ عظيم؛ فولّى السلطان الشيخ صدر «١» الدين سليمان الحنفى قاضى قضاة الحنفيّة بالديار المصريّة، وكان للقضاة الحنفيّة أزيد من ثلثمائة سنة من أوّل الدولة الفاطميّة قد بطل حكمهم من ديار مصر استقلالا عند ما أبطل الفاطميّون القضاة من سائر المذاهب، وأقاموا قضاة الشّيعة بمصر. انتهى. وولىّ القاضى شرف «٢» الدين عمر السّبكىّ المالكىّ قاضى قضاة المالكيّة. وولّى الشيخ شمس «٣» الدين محمد ابن الشيخ العماد الحنبلى قاضى القضاة الحنابلة، وفوّض لكلّ واحد منهم أن يستنيب بالأعمال وغيرها؛ وأبقى على تاج الدين النّظر فى مال الأيتام، وكتب لهم التقاليد وخلع عليهم؛ ثم فعل ذلك ببلاد الشام كلّه.
قلت: وقد جمعت أسماء من ولى القضاء من المذاهب الأربعة من يوم رتّب الملك الظاهر بيبرس القضاة (أعنى من سنة ثلاث وستين وستمائة) إلى يومنا هذا على الترتيب على سبيل الاختصار لتكثر الفائدة فى هذا الكتاب، وإن كان يأتى ذكر غالبهم فى الوفيات فى حوادث الملوك على عادة هذا الكتاب، فذكرهم هنا جملة أرشق وأهون على من أراد ذلك، والله المستعان. فنقول: