إلى أفامية «١» ثم سار ونزل منزلة أخرى؛ ثم رحل ليلا وأمر العسكر بلبس آلة الحرب، ونزل أنطاكية فى غرّة شهر رمضان، فخرج إليه جماعة من أهلها يطلبون الأمان وشرطوا شروطا لم يجب إليها، وزحف عليها فملكها يوم السبت رابع الشهر؛ ورتّب على أبوابها جماعة من الأمراء لئلّا يخرج أحد من الحرافشة بشىء من النهب، ومن يوجد معه شىء يؤخذ منه، فجمع من ذلك ما أمكن جمعه وفرّقه على الأمراء والأجناد بحسب مراتبهم. وحصر من قتل بأنطاكية فكانوا فوق الأربعين ألفا، وأطلق جماعة من المسلمين كانوا فيها أسراء من الحلبيّين، وكتب البشائر بذلك إلى مصر وإلى سائر الأقطار. وأنطاكية: مدينة عظيمة مشهورة، مسافة سورها اثنا عشر ميلا، وعدد أبراجها مائة وستة وثلاثون برجا، وعدد شرفاتها أربع وعشرون ألفا. ولم يفتحها السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب- رحمه الله- فيما فتح «٢» .
قلت: كم ترك الأوّل للآخر!
ولمّا ملك الملك الظاهر أنطاكية وصل إليه قصّاد من أهل القصير «٣» يطلبون تسليمها إليه، فسيّر السلطان الأمير شمس الدين آق سنقر الفارقانىّ بالعساكر إليها فوصلها