الحلبىّ الكبير، الذي كان تسلطن بدمشق فى أوّل سلطنة الملك الظاهر بيبرس، والأمير جمال الدين آقوس المحمّدىّ، والأمير جمال الدين أيدغدى الحاجبىّ الناصرىّ، والأمير شمس الدين سنقر المسّاح «١» والأمير سيف الدين بيدغان «٢» الرّكنى والأمير علم الدين سنجر طرطح وغيرهم، وحبسوا الجميع بقلعة الجبل؛ وسبب ذلك أنّه بلغه أنّهم تآمروا على قبضه لمّا كان بالشّقيف، فأسّرها فى نفسه إلى وقتها. وكان بلغ الملك الظاهر وهو على حصن الأكراد أنّ صاحب قبرص خرج منها فى مراكبه إلى عكا، فأراد السلطان اغتنام خلوّها، فجّهز سبعة عشر شينيّا، فيها الرئيس ناصر الدين عمر بن منصور رئيس مصر وشهاب الدين محمد بن إبراهيم بن عبد السلام رئيس الإسكندرية، وشرف [الدين «٣» ] علوى بن أبى المجد بن علوى العسقلانى رئيس دمياط، وجمال الدين مكّى بن حسّون مقدّما على الجميع؛ فوصلوا الجزيرة ليلا، فهاجت عليهم ريح طردتهم عن المرسى، وألقت بعض الشّوانى على بعض، فتحطّم منها أكثر من أحد عشر شينيّا وأخذ من فيها من الرجال والصنّاع أسراء، وكانوا زهاء ألف وثمانمائة نفس، وسلم الرئيس ناصر الدين وابن حسّون فى الشّوانى السالمة، وعادت إلى مراكزها؛ فعظم ذلك على الملك الظاهر بيبرس إلى الغاية.
وفى يوم الاثنين سابع عشر ذى الحجّة أمر الملك الظاهر بإراقة الخمور فى سائر بلاده، وأوعد من يعصرها بالقتل، فأريق على الأجناد والعوامّ منها ما لا تحصى قيمته، وكان ضمان ذلك فى ديار مصر خاصّة ألف دينار فى كلّ يوم، وكتب بذلك توقيع قرئ على منبر مصر والقاهرة. وفى العشر الأخير من ذى الحجّة اهتمّ الملك