فلمّا خرجت عساكره وملكت المفاوز، قدّم الأمير شمس الدين سنقر الأشقر على جماعة من العسكر وأمره بالمسير بين يديه، فوقع على كتيبة التّتار وعدّتهم ثلاثة آلاف فارس، ومقدّمهم كراى فهزمهم سنقر الأشقر وأسر منهم طائفة، وذلك فى يوم الخميس تاسع ذى القعدة.
ثم ورد الخبر على الملك الظاهر بأنّ عسكر الروم والتّتار مع البرواناه اجتمعوا على نهر جيحان «١» ، فلمّا صعد العسكر الجبل أشرف على صحراء «٢» أبلستين فشاهد التّتار قد رتّبوا عساكرهم أحد عشر طلبا فى كلّ طلب ألف فارس، وعزلوا عسكر الروم عنهم خوفا من باطن يكون لهم مع المسلمين، وجعلوا عسكر الكرج طلبا واحدا؛ فلمّا تراءى الجمعان حملت ميسرة التّتار حملة واحدة وصدموا سنجق الملك الظاهر، ودخلت طائفة منهم بينهم، وشقّوا الميسرة وساقوا إلى الميمنة؛ فلمّا رأى الملك الظاهر ذلك أردفهم بنفسه، ثم لاحت منه التفاتة فرأى الميسرة قد أتت عليها ميمنة التّتار، فأمر الملك الظاهر جماعة من أصحابه الشّجعان بإردافها، ثم حمل هو بنفسه- رحمه الله- فلمّا رأته العساكر حملت نحوه برمّتها حملة رجل واحد، فترجّل التّتار عن خيولهم وقاتلوا قتال الموت فلم يغن عنهم ذلك شيئا، وصبر لهم الملك الظاهر وعسكره وهو يكرّ فى القوم كالأسد الضّارى ويقتحم الأهوال بنفسه ويشجّع أصحابه ويطيّب لهم الموت فى الجهاد إلى أن أنزل الله تعالى نصره عليه، وانكسر التّتار أقبح كسرة وقتلوا وأسروا وفرّ من نجا منهم، فاعتصموا بالجبال فقصدتهم العساكر الإسلاميّة وأحاطوا بهم، فترجّلوا عن خيولهم وقاتلوا فقتل منهم جماعة كثيرة، وقتل