ونذكر بعض أحواله، إن شاء الله تعالى، فى حوادث سنينه كما هو عادة هذا الكتاب على سبيل الاختصار. وقد أطلت فى ترجمته وهو مستحقّ لذلك، لأنّه فرع فاق أصله، كونه كان من جملة مماليك الملك الصالح نجم الدين أيّوب فزادت محاسنه عليه.
وأمّا من يأتى بعده فلا سبيل إليه. ويعجبنى فى هذا المعنى المقالة الثانية عشرة من قول الشيخ الإمام العالم العارف الرّبّانىّ شرف الدين عبد المؤمن بن هبة الله الأصفهانىّ المعروف بشوروة «١» رحمه الله فى كتابه الذي فى اللّغة وسمّاه «أطباق الذهب» يشتمل على مائة مقالة [واثنتين] أحسن فيها غاية الإحسان، وهى:
«ليس الشريف من تطاول وتكاثر «٢» ، إنّما الشريف من تطوّل وآثر؛ وليس المحسن من روى القرآن، إنّما المحسن من أروى الظمآن؛ وليس البرّ إبانة الحروف بالإمالة والاشباع، لكنّ البرّ إغاثة الملهوف بالإنالة والإشباع؛ ولا خير فى زكأة «٣» لا يسدى معروفا، ولا بركة فى لبنة «٤» لا تروى «٥» خروفا؛ فوا [ها]«٦» لك، لمن تدّخر أموالك! أنفق ألفك، قبل أن يقسم خلفك؛ إنّ منازل الخلق سواسية، إلّا من له يد مواسية؛ فأرفعهم أنفعهم، وأسودهم أجودهم، وأفضلهم أبذلهم؛ وخير الناس من سقى ملواحا «٧» ،