الجوكندار الحموىّ، وعلى يد الأمير علاء الدين أيدغمش الحكيمىّ «١» الجاشنكير.
فلمّا بلغ الملك السعيد موت والده الملك الظاهر أخفاه أيضا، وخلع عليهما وأعطى كلّ واحد منهما خمسين «٢» ألف درهم، على أنّ ذلك بشارة بعود السلطان إلى الديار المصريّة. وسافرت العساكر من دمشق إلى جهة الديار المصريّة فدخلوها يوم الخميس سادس عشرين صفر من سنة ستّ وسبعين وستمائة، ومقدّمهم الأمير بدر الدين بيليك الخازندار؛ ودخلوا مصر وهم يخفون موت الملك الظاهر فى الصورة الظاهرة، وفى صدر الموكب مكان تسيير السلطان تحت العصائب «٣» ، محفّة وراءها السّلحدارية «٤» والجمداريّة «٥» وغيرهم من أرباب الوظائف توهم أنّ السلطان فى المحفّة مريض، هذا مع عمل جدّ فى إظهار ناموس السلطنة والحرمة للمحفّة والتأدّب مع من فيها حتى تمّ لهم ذلك.
قلت: لله درّهم من أمراء وحاشية! ولو كان ذلك فى عصرنا هذا ما قدر الأمراء على إخفاء ذلك من الظهر إلى العصر.
ولمّا وصلوا إلى قلعة الجبل، ترجّل الأمراء والعساكر بين يدى المحفّة، كما كانت العادة فى الطريق فى كل منزلة من حين خروجهم من دمشق إلى أن وصلوا إلى قلعة الجبل من باب السرّ، وعند دخولها إلى القلعة اجتمع الأمير بدر الدين بيليك الخازندار بالملك السعيد هذا، وكان الملك السعيد لم يركب لتلقّيهم، وقبّل الأرض ورمى بعمامته ثم صرخ، وقام العزاء فى جميع القلعة، ولوقتهم جمعوا الأمراء