*** السنة الأولى من ولاية عبد الله بن عبد الملك بن مروان على مصر وهي سنة ست وثمانين- فيها كان طاعون القينات، سمي بذلك لأنه بدأ في النساء، وكان بالشام وواسط والبصرة. وفيها سار قتيبة بن مسلم متوجها إلى ولايته فدخل خراسان وتلقاه دهاقين بلخ وساروا معه، وأتاه أيضاً أهل صاغان بهدايا ومفتاح من ذهب وسلموا له بلادهم بالأمان. وفيها افتتح مسلمة بن عبد الملك حصن بولق «١» وحصن الأخرم. وفيها توفي الخليفة عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميّة ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، أمير المؤمنين أبو الوليد، القرشي الأموي، والد عبد الله هذا صاحب الترجمة؛ بويع بالخلافة بعهد من أبيه مروان بن الحكم، وكان ذلك بعد أن دعا عبد الله بن الزبير لنفسه بالخلافة، وتم أمر عبد الملك المذكور في الخلافة وبقي على مصر والشام، وابن الزبير على باقي البلاد، مدة سبع سنين والحروب ثائرة بينهم، ثم غلب عبد الملك على العراق وما والاها بعد قتل مصعب بن الزبير، ثم ولى الحجاج بن يوسف الثقفي العراق ومحاربة عبد الله ابن الزبير حتى قتله، واستوثق الأمر بقتل عبد الله بن الزبير لعبد الملك، ودام في الخلافة حتى توفي بدمشق في شوال. وخلافته المجمع عليها (أعني بعد قتل عبد الله ابن الزبير) من وسط سنة ثلاث وسبعين.
وقال الشعبي: خطب عبد الملك فقال: اللهم إن ذنوبي عظام، وإنها صغار في جنب عفوك، فاغفرها لي يا كريم. وكان مولد عبد الملك سنة ست وعشرين من الهجرة، وكان عابداً ناسكاً قبل الخلافة، فلما أتته الخلافة تغير عن ذلك كله وولى الحجاج على العراق. قيل: إن الحسن البصري سئل عن عبد الملك هذا فقال:
ما أقول في رجلٍ الحجاج سيئة من سيئاته!. وفيها هلك ملك الروم الأحرم بورى