للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند السلطان، وعامل السلطان سنقر الأشقر بالاحترام التامّ والخدمة البالغة والإقامات العظيمة والرّواتب الجليلة. وشرعت التّتار تتقدّم قليلا قليلا بخلاف عادتهم، فلمّا وصلوا حماة أفسدوا بنواحيها، وشعّثوا وأحرقوا بستان الملك المنصور صاحب حماة وجوسقه وما به من الأبنية. واستمرّ عسكر السلطان بظاهر حمص على حاله إلى أن وصلت التّتار إليه فى يوم الخميس رابع عشر شعبان، فركب الملك المنصور بعساكره وصافف العدوّ، والتقى الجمعان عند طلوع الشمس، وكان عدد التّتار على ما قيل مائة ألف فارس أو يزيدون، وعسكر المسلمين على مقدار النّصف من ذلك أو أقلّ، وتواقعوا من ضحوة النهار إلى آخره، وعظم القتال بين الفريقين وثبت كلّ منهم.

قال الشيخ قطب الدين اليونينىّ: «وكانت وقعة عظيمة لم يشهد مثلها فى هذه الأزمان ولا من سنين كثيرة، وكان الملتقى فيما بين مشهد خالد بن الوليد، رضى الله عنه، إلى الرّستن «١» والعاصى، واضطربت ميمنة المسلمين، وحملت التّتار على ميسرة المسلمين فكسروها وانهزم من كان بها، وكذلك انكسر جناح القلب الأيسر وثبت الملك المنصور سيف الدين قلاوون، رحمه الله تعالى، فى جمع قليل بالقلب ثباتا عظيما، ووصل جماعة كثيرة من التّتار خلف المنكسرين من المسلمين إلى بحيرة حمص، وأحدق جماعة من التّتار بحمص، وهى مغلقة الأبواب، وبذلوا نفوسهم وسيوفهم فيمن وجدوه من العوامّ والسّوقة والغلمان والرّجّالة المجاهدين بظاهرها، فقتلوا منهم جماعة كثيرة، وأشرف الإسلام على خطّة صعبة! ثم إنّ أعيان الأمراء ومشاهيرهم وشجعانهم: مثل سنقر الأشقر المقدّم ذكره، وبدر الدين بيسرى،