على أسراره، وتدبير أمور القصّاد والجواسيس والمكاتبات لا يشاركه فى ذلك وزير ولا نائب سلطنة، بل كان هو والأمير حسام الدين لاچين الأيدمرىّ المعروف بالدّرفيل، فلما توفّى لا چين المذكور انفرد بلبان بذلك وحده، وكان مع هذه الخصوصية عند الملك الظاهر أمير عشرة، وقيل جنديا.
قال الصّفدى: لم يؤمّره طبلخاناه إلى أن مات الملك الظاهر أنعم عليه ولده الملك السعيد بإمرة ستين فارسا بالشام، وبقى بعد ذلك إلى أن استشهد بظاهر حمص رحمه الله وقد نيّف على ستين «١» سنة.
وفيها توفّى الأمير شمس الدين سنقر بن عبد الله الألفى، كان من أعيان الأمراء الظاهريّة، وولى نيابة السلطنة بمصر للملك السعيد بعد موت الأمير بدر الدين بيليك الخازندار، وباشر النّيابة أحسن مباشرة إلى أن استعفى فأعفى، وولى النيابة عوضه الأمير كوندك، فكان ذهاب الدولة على يده. ثم قبض الملك المنصور على سنقر هذا واعتقله بالإسكندرية، وقيل بقلعة الجبل، إلى أن مات، وله من العمر نحو أربعين سنة.
وفيها توفّى الشيخ علاء الدين أبو الحسن علىّ بن محمود بن الحسن بن نبهان اليشكرى ثم الربعىّ، كان له اليد الطّولى فى علم الفلك، وتفرّد بحلّ الأزياج وعمل التقاويم، وغلب ذلك عليه مع فضلية تامة فى علم الأدب وجودة النظم. ومن شعره:
ولما أتانى العاذلون عدمتهم ... وما منهم إلا للحمى قارض
وقد بهتوا لما رأونى شاحبا ... وقالوا به عين فقلت وعارض
وله:
إنى أغار من النّسيم إذا سرى ... بأريج عرفك خيفة من ناشق