وفيها توفّى الكاتب المجوّد عماد الدين أبو عبد الله، وقيل أبو الفضل، محمد ابن محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله الشّيرازىّ الدمشقىّ صاحب الخطّ المنسوب. انتهت إليه الرياسة فى براعة الخط لا سيّما فى [القلم «١» ] المحقّق و [قلم «٢» ] النّسخ.
سمع الكثير وروى عنه الحافظ جمال الدين «٣» المزّىّ وغيره، وتصدّى للكتابة وانتفع به الناس. وقدم القاهرة واتّفق أنّه ركب النيل مرّة مع الصاحب بهاء الدين بن حنّا، وكان معه جماعة من أصحابه وفيهم شخص معروف بابن الفقّاعى ممّن له عناية بالكتابة، فسأل الصاحب بهاء الدين، وقال: عندى لمولانا الصاحب وهؤلاء الجماعة يوم كامل الدّعوة، ومولانا يدعو المولى عماد الدين يفيدنى قطّة القلم، فقال الصاحب:
والله ما فى هذا شىء، مولانا يتفضّل عليه بذلك، فأطرق عماد الدين مغضبا، ثم رفع رأسه وقال: أو خير لك من ذلك؟ قال: وما هو؟ قال: أحمل إليك ربعة بخطّى، ويعفينى من هذا، فقال الصاحب: لا والله، الرّبعة بخطّ مولانا تساوى ألفى درهم، وأنا ما آكل من هذه الضيافة شيئا يساوى عشرة دراهم.
وفيها توفّى الشيخ أبو محمد، وقيل أبو المحاسن، عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيميّة الحرّانىّ أحد علماء الحنابلة ووالد الشيخ تقىّ «٤» الدين بن تيميّة. مولده بحرّان فى ثانى عشر شوّال سنة سبع وعشرين وستمائة، وسمع الكثير وتفقه وبرع فى الفقه وتميّز فى عدّة فنون، ودرّس ببلده وأفتى وخطب ووعظ وفسّر، ولى هذه الوظائف