ثم قال ابن يونس: حدثني أبو أحمد بن يونس بن عبد الأعلى وكهمس ابن معمر وعيسى بن أحمد الصدفي وغيرهم، قالوا: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ابن عبد الله بن قيس عن قرة بن شريك: أنه سأل ابن المسيب عن الرجل ينكح عبده وليدته ثم يريد أن يفرق بينهما؛ قال: ليس له أن يفرق بينهما. قال ابن يونس: ليس لقرة بن شريك غير هذا الحديث الواحد. انتهى كلام ابن يونس.
قلت: وكانت ولاية قرة على مصر ست سنين إلا أياماً. وتولى إمرة مصر بعده عبد الملك بن رفاعة الآتي ذكره؛ وكان من عظماء أمراء الوليد بن عبد الملك، وكان الوليد عند أهل الشأم من أفضل خلفائهم، بنى المساجد: مسجد دمشق ومسجد المدينة، ووضع المنابر، وأعطى المجذمين أموالاً ومنعهم من سؤال الناس، وأعطى كل مقعد خادماً، وكل ضرير قائداً، وفتح في ولايته فتوحات عظاما: منها الأندلس وكاشعر والهند؛ وكان يمر بالبقال فيقف عليه ويأخذ منه حزمة بقل فيقول:
بكم هذه؟ فيقول: بفلس، فيقول: زد فيها. وكان صاحب بناء واتخاذ للمصانع؟؟؟
والضياع، فكان الناس يلتقون في زمانه فيسأل بعضهم بعضاً عن البناء. وكان سليمان ابن عبد الملك صاحب طعام ونكاح. فكان الناس يسأل بعضهم بعضاً عن النكاح والطعام. وكان عمر بن عبد العزيز صاحب عبادة، فكان الناس يسأل بعضهم بعضاً في أيامه: ما وزدك الليلة، وكم تحفظ من القرآن، وما تصوم من الشهر؟
قلت: ولم أذكر هذا كله إلا لما قدمناه من الحط على الوليد من أقوال المؤرخين، فأردت أن أذكر من محاسنه أيضا ما نقله غيرهم اهـ.