فكان يستمرّ راكبا فى القفص والحمّال يدور به فى أماكن الفرج والنّزه، وكان يتعمّم بشرطوط «١» طويل جدّا رقيق العرض ويعاشر الحرافيش، وكان له أولاد رؤساء، ويقال: إنّ الصاحب بهاء الدين بن حنّا هو الذي أحوجه إلى أن ظهر بذلك المظهر، وأخمله وجنّنه لكونه كان من بيت وزارة، فكان ابن الصاحب هذا إذا رأى الصاحب بهاء الدين بن حنّا ينشد:
اشرب «٢» وكل وتهنّا ... لابدّ أن تتعنّى
محمد وعلىّ ... من أين لك يا بن حنا
قال الشيخ صلاح الدين الصّفدىّ:«أخبرنى من لفظه الحافظ نجم الدين أبو محمد الحسن «٣» خطيب صفد، قال: رأيته (يعنى ابن الصاحب) أشقر أزرق العينين عليه قميص أزرق، وبيده عكّاز حديد. قال: وأخبرنى من لفظه الحافظ فتح «٤» الدين ابن سيّد الناس، قال: كان ابن الصاحب يعاشر الفارس أقطاى فاتّفق أنّهم كانوا يوما على ظهر النّيل فى شختور «٥» ، وكان الملك الظاهر بيبرس مع الفارس أقطاى وجرى بينهم أمر، ثم ضرب الدهر ضربانه حتّى تسلطن الملك الظاهر بيبرس وركب يوما إلى الميدان، ولم يكن عمّر قنطرة «٦» السّباع، وكان التوجه إلى الميدان من على باب زويلة على باب الخرق «٧» ، وكان ابن الصاحب هذا نائما على قفص صيرفىّ