وغيرها فكثيرة «١» ، ونقب عدّة نقوب. وأنجد أهل عكّا صاحب قبرس «٢» بنفسه وفى ليلة قدومه عليهم أشعلوا نيرانا عظيمة لم ير مثلها فرحا به، وأقام عندهم قريب ثلاثة أيام، ثم عاد عند ما شاهد انحلال أمرهم وعظم ما دهمهم. ولم يزل الحصار عليها والجدّ فى أمر قتالها إلى أن انحلّت عزائم من بها وضعف أمرهم واختلفت كلمتهم.
هذا والحصار عمّال فى كلّ يوم، واستشهد عليها جماعة من المسلمين.
فلمّا كان سحر يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى ركب السلطان والعساكر وزحفوا عليها قبل طلوع الشمس، وضربوا الكوسات فكان لها أصوات مهولة وحسّ عظيم مزعج، فحال ملاصقة العسكر لها وللأسوار هرب الفرنج وملكت المدينة بالسيف، ولم تمض ثلاث ساعات من النهار المذكور إلّا وقد استولى المسلمون عليها ودخلوها؛ وطلب الفرنج البحر فتبعتهم العساكر الإسلاميّة تقتل وتأسر فلم ينج منهم إلّا القليل؛ ونهب ما وجد من الأموال والذخائر والسلاح وعمل الأسر والقتل فى جميع أهلها، وعصى الدّيويّة «٣» والإسبتار «٤» واستتر الأرمن فى أربعة أبراج شواهق فى وسط البلد فحصروا فيها.
فلمّا كان يوم السبت ثامن «٥» عشر الشهر، وهو ثانى يوم فتح المدينة، قصد جماعة من الجند وغيرهم الدار والبرج الذي فيه الدّيويّة فطلبوا الأمان فأمّنهم السلطان وسيّر لهم صنجقا، فأخذوه ورفعوه على برجهم وفتحوا الباب، فطلع إليهم جماعة