وفيها كانت وفاة الأمير الكبير شمس الدين سنقر بن عبد الله العلائىّ، ثم الصالحىّ النّجمىّ المعروف بالأشقر، كان من كبار الأمراء ممّن تملّك الشام فى أوائل سلطنة الملك المنصور قلاوون ودعا لنفسه وتلقّب «بالملك الكامل» وخطب له على منابر الشام، وضرب الدرهم والدينار باسمه. وقد أوضحنا من أمره نبدة كبيرة فى عدّة مواضع من ترجمة الملك المنصور قلاوون وغيره. ووقع له مع الملك المنصور أمور أسفرت بعد سنين على أنّه دخل تحت طاعته، وصار من جملة أكابر أمرائه. واستمرّ سنقر على ذلك إلى أن مات الملك المنصور قلاوون وملك بعده ابنه الملك الأشرف خليل صاحب الترجمة؛ قبض عليه فى هذه السنة وخنقه وخنق معه جماعة من الأمراء لأمر اقتضاه رأيه. والأمراء الذين قتلوا معه مثل: الأمير ركن الدين طقصو الناصرىّ، وجرمك الناصرىّ وبلبان الهارونىّ؛ وكان معهم الأمير حسام الدين لاچين المنصورىّ الذي تسلطن بعد ذلك، فوضع السلطان الوتر فى رقبته لخنقه فانقطع الوتر؛ فقال لاچين: يا خوند، إيش ذنبى! مالى ذنب إلّا أنّ طقصو حموى وأنا أطلّق بنته، فرقّوا له خشداشيته لأمر سبق فى علم الله وقبلّوا الأرض وسألوا السلطان فيه، وضمنه خشداشه الأمير بدر الدين بيدرا نائب السلطنة، فأطلقه السلطان وأعاده إلى رتبته، وأخذ سنقر الأشقر هذا ودفن بالقرافة. وكان سنقر المذكور أميرا شجاعا مقداما كريما حسن السياسة مهابا جليلا معظّما فى الدّول، وخوطب بالسلطنة سنين عديدة إلى أن ضعف أمره ونزل من قلعة صهيون بالأمان، وقدم على الملك المنصور قلاوون فأكرمه قلاوون، ودام على ذلك إلى أن مات. وكان سنقر شجاعا أشقر عبل البدن جهورىّ الصوت مليح الشكل. رحمه الله تعالى.