سلّفتنا على العقول السّلافه ... فتقاضت ديونها بلطافه
ضيّفتنا بالنّشر والبشر واليس ... ر ألا هكذا تكون الضّيافه
وقد سقنا من ترجمته فى تاريخنا «المنهل الصافى» عدّة أخر غير هؤلاء المقطّعات.
وفيها توفّى الأمير علم الدين سنجر بن عبد الله الحلبى، الأمير الكبير أحد الموصوفين بالشجاعة والإقدام، وقد شهد عدّة حروب، وله مواقف مشهورة مع العدوّ.
وكان أبيض الرأس واللّحية من أبناء الثمانين، وكان ولى نيابة دمشق فى آخر سنة ثمان وخمسين وستمائة. ولمّا تسلطن الملك الظاهر ركن الدين بيبرس لم يبايعه سنجر هذا ودعا لنفسه وحلّف الأمراء وتسلطن بدمشق ولقّب «بالملك المجاهد» ، فلم يتمّ له ذلك حسب ما تقدّم ذكره فى أوّل ترجمة الملك الظاهر بيبرس، وقبض الظاهر عليه وحبسه مدّة سنين إلى أن مات. وتسلطن بعده ولده الملك السعيد أفرج عنه وأمّره، فدام على ذلك إلى أن تسلطن الملك المنصور قلاوون، وخرج عليه الأمير سنقر الأشقر المقدّم ذكره وتسلطن بدمشق، ندب المنصور لحربه علم الدين سنجر هذا، وأضاف إليه العساكر المصريّة، فخرج إليه وقاتله وكسره وأخرجه من دمشق، ثمّ عاد إلى الديار المصريّة، فأنعم عليه المنصور قلاوون بأشياء كثيرة، ثم خانه وقبض عليه وحبسه إلى أن مات. فلمّا تسلطن ولده الملك الأشرف خليل أفرج عنه وأكرمه ورفع منزلته. وكان سبب مسك قلاوون له أنّه لمّا كسر سنقر الأشقر عظم فى أعين الناس ولهج بعض الناس بتسميته «بالملك المجاهد» كما كان تلقّب أوّلا لمّا ادّعى السلطنة، فبادره قلاوون وقبض عليه. وكان سنجر هذا من بقايا الأمراء الصالحيّة النّجميّة، رحمه الله تعالى.