وجميع من خلع عليه وأتوا إلى سوق «١» الخيل وترجّلوا وقبّلوا الأرض، ثم كتب بسلطنة الملك العادل إلى البلاد الشاميّة وغيرها. وزيّنت مصر والقاهرة لسلطنته.
ولمّا كان يوم الأربعاء مستهلّ شهر ربيع الأوّل «٢» ركب السلطان الملك العادل كتبغا بأبّهة السلطنة وشعار الملك من قلعة الجبل ونزل وسار إلى ظاهر القاهرة نحو قبّة «٣» النصر، وعاد من باب النصر «٤» وشقّ القاهرة حتّى خرج من باب زويلة عائدا إلى قلعة الجبل، كما جرت العادة بركوب الملوك. ولم تطل مدّة سلطنته حتى وقع الغلاء والفناء بالديار المصرية وأعمالها؛ ثمّ انتشر ذلك بالبلاد الشاميّة جميعها فى شوّال من هذه السنة، وارتفع سعر القمح حتّى بيع كلّ اردبّ بمائة وعشرين درهما بعد أن كان بخمسة وعشرين درهما الإردبّ، وهذا فى هذه السنة، وأما فى السنة الآتية التى هى سنة خمس وتسعين وستمائة فوصل سعر القمح إلى مائة وستين «٥» درهما الإردبّ.
وأمّا الموت فإنّه فشا بالقاهرة وكثر، فأحصى من مات بها وثبت اسمه فى ديوان [المواريث «٦» ] فى ذى الحجّة فبلغوا سبعة عشر ألفا وخمسمائة. وهذا سوى من لم يرد اسمه فى ديوان المواريث من الغرباء والفقراء ومن لم يطلق من الديوان. ورحل جماعة كثيرة من أهل مصر عنها إلى الأقطار من عظم الغلاء وتخلخل «٧» أمر الديار المصريّة. وفى هذه السنة حجّ الأمير أنس بن الملك العادل كتبغا صاحب الترجمة، وحجّت معه والدته وأكثر حرم السلطان، وحجّ بسببهم خلق كثير من نساء الأمراء