كان يوم الثلاثاء منتصف ذى القعدة من سنة ست وتسعين وستمائة قبض السلطان الملك المنصور لاچين على الأمير شمس الدين قرا سنقر المنصورىّ نائب السلطنة وحبسه، وولّى مملوكه منكوتمر المذكور نيابة السلطنة عوضه، فعظم ذلك على أكابر الأمراء فى الباطن. ثم بعد أيام ركب السلطان الملك المنصور لاچين ولعب الكرة بالميدان «١» فتقنطر به الفرس فوقع من عليه وتهشّم جميع بدنه وانكسرت يده وبعض أضلاعه ووهن عظمه وضعفت حركته، وبقى يعلّم عنه مملوكه ونائبه سيف الدين منكوتمر وأيس من نفسه. كلّ ذلك والأمراء راضون بما يفعله منكوتمر لأجل خاطره إلى أن منّ الله تعالى عليه بالعافية وركب، ولمّا ركب زيّنت له القاهرة ومصر والبلاد الشاميّة لعافيته، وفرح الناس بعافيته فرحا شديدا خصوصا الحرافيش «٢» .
فإنه لمّا ركب بعد عافيته قال له واحد من الحرافشة: يا قضيب الذهب، بالله أرنى يدك، فرفع إليه يده وهو ماسك المقرعة وضرب بها رقبة الحصان الذي تحته. وكان ركوبه فى حادى عشرين صفر من سنة سبع وتسعين وستمائة. ولمّا كان لعب الكرة وكبا به فرسه ووقع وانكسرت يده قال فيه الأديب شمس الدين محمد [المعروف بابن البيّاعة «٣» ] :
حويت بطشا وإحسانا ومعرفة ... وليس يحمل هذا كلّه الفرس
ولمّا تعافى الملك المنصور لاچين قال فيه شمس الدين المذكور نثرا وهو: أسفر ثغر صباحه عن محيّا القمر الزاهر، وبطش الأسد الكاسر، وجود البحر الزاخر؛ فياله يوما