عشرين ألفا رجع إلى عشرة آلاف، ومن كان عبرة إقطاعه عشرة آلاف بقيت خمسة آلاف، فشقّ ذلك على الجند ولم يرضوه إلّا أنهم خشوا التنكيل من منكوتمر؛ وكانت فيهم بقيّة من أهل القوّة والشجاعة، فتقدّموا إلى النائب منكوتمر وألقوا مثالاتهم، وقالوا: إنّا لا نعتد قطّ بمثل هذه الإقطاعات، ونحن إمّا أن نخدم الأمراء وإلّا بطّلنا، فعظم قولهم على النائب وأغضبه، وأمر الحجّاب بضربهم وساقهم الى السجن؛ فشفع فيهم الأمراء فلم يقبل شفاعتهم، وأقبل منكوتمر على من حضر من الأمراء والمقدّمين وغيرهم فأوسعهم سبّا وملأهم تقريعا وتعنيفا حتّى وغّر صدورهم وغيّر نيّاتهم فانصرفوا، وقد عوّلوا على عمل الفتنة؛ وبلغ السلطان ذلك فعنّف منكوتمر ولامه وأخرج الأجناد من السجن بعد أيام. وكان عمل هذا الرّوك وتفرقته من أكبر الأسباب وأعظمهما فى فتك الأمراء بالسلطان الملك المنصور لاچين وقتله وقتل نائبه منكوتمر المذكور. على ما سيأتى ذكره.
وكان هذا الرّوك أيضا سببا كبيرا فى إضعاف الجند بديار مصر وإتلافهم، فإنه لم يعمل فيه عمل طائل ولا حصل لأحد منهم زيادة يرضاها، وإنما توفّر من البلاد جزء كبير. فلمّا قتل الملك المنصور لاچين تقسّمها الأمراء زيادة على ما كان بيدهم. انتهى.
ثم إنّ السلطان الملك المنصور لاچين جهّز الأمير جمال الدين آقوش الأفرم الصغير والأمير سيف الدين حمدان [بن سلغيه «١» ] إلى البلاد الشاميّة، وعلى أيديهم مراسيم شريفة بخروج العساكر الشامية، وخروج نائب الشام الأمير قبجق المنصورىّ بجميع أمراء دمشق حتى حواشى الأمير أرجواش نائب قلعة دمشق،