هذا أسامة لا يرتشي ديناراً ولا درهماً؛ فقال له ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن مروان: أنا أذلّك على من هو شر من أسامة ولا يرتشي ديناراً ولا درهماً؛ قال سليمان: ومن هو؟ قال عمر: عدو الله إبليس؛ فغضب سليمان وقام من مجلسه.
ولما مات سليمان بن عبد الملك وتولى عمر بن عبد العزيز الخلافة وجه في عزل أسامة بن زيد المذكور قبل دفن سليمان، وأقر عبد الملك بن رفاعة على عمله بمصر مدة، ثم عزله بأيوب بن شرحبيل في شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين. وكانت ولاية عبد الملك بن رفاعة على مصر في هذه المرة ثلاث سنين تخميناً. وتأتي بقية ترجمته في ولايته الثانية إن شاء الله تعالى. وفي أيام عبد الملك هذا قتل عبد العزيز ابن موسى بن نصير، وكان أبوه استعمله على الأندلس لما قدم الشأم، وكان سببه أنه تزوج بامرأة رذريق «١» فحملته على أن يأخذ أصحابه ورعيته بالسجود له عند الدخول عليه كما كان يفعل لزوجها، فقال: إن ذلك ليس في ديننا، وكان ديناً فاضلاً، فلم تزل به حتى أمر بفتح باب قصير «٢» ، فكان أحدهم إذا دخل عليه طأطأ رأسه فيصير كالراكع له، فرضيت به وقالت له: الآن لحقت بالملوك، وبقي أن أعمل لك تاجاً مما عندي من الذهب واللؤلؤ فأبى، فلم تزل به حتى فعل، فانكشف ذلك للمسلمين «٣» ، فقيل: إنه تنصر، فثاروا عليه وقتلوه بدسيسة من عند عبد الملك هذا بآمر سليمان بن عبد الملك، فدخلوا عليه، وهو يصلي الصبح في المحراب وقد قرأ الفاتحة وسورة الواقعة، فضربوه بالسيوف ضربة واحدة واحتزوا رأسه وسيروه إلى سليمان، فعرضه سليمان على أبيه فتجلد للمصيبة وقال: هنيئاً له الشهادة، فقد قتلتموه والله صواماً قواماً. فعد الناس ذلك من زلات سليمان بن عبد الملك اهـ.