للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الحدّ. وممّا زاد سعر العمائم، فإنّ الجند كان على رءوسهم فى المصافّ الخوذ، فلمّا انكسروا رموا الخوذ تخفيفا ووضعوا على رءوسهم المناديل، فاحتاجوا لمّا حضروا إلى مصر إلى شراء العمائم، مع أن الملك الناصر أنفق فى الجيش بعد عوده، واستخدم جمعا كثيرا من الجند خوفا من قدوم غازان إلى الديار المصرية، وتهيّأ السلطان إلى لقاء غازان ثانيا. وجهّز العساكر وقام بكلفهم أتمّ قيام على صغر سنّه.

فلمّا ورد عليه الخبر بعدم مجىء قازان إلى الديار المصرية تجهّز وخرج بعساكره وأمرائه من الديار المصرية إلى جهة البلاد الشامية إلى ملتقى غازان ثانيا، بعد أن خلع على الأمير آقوش الأفرم الصغير بنيابة الشام على عادته، وعلى الأمير قرا سنقر المنصورىّ بنيابة حماة وحلب؛ وكان خروج السلطان من مصر بعساكره فى تاسع شهر رجب من سنة تسع وتسعين وستمائة، وسار حتى نزل بمنزلة الصالحية «١» بلغه عود قازان بعساكره إلى بلاده، فكلّم الأمراء السلطان فى عدم سفره ورجوعه إلى مصر فأبى عن رجوع العسكر، وسمع لهم فى عدم سفره، وأقام بمنزلة الصالحية.

وسافر الأمير سلّار المنصورىّ نائب السلطنة بالديار المصرية، والأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير بالعساكر إلى الشام. ولما سار سلار وبيبرس الجاشنكير إلى جهة الشام تلاقوا فى الطريق مع الأمير سيف الدين قبجق والأمير يكتمر السلاح دار والألبكى وهم قاصدون السلطان، فعتب الأمراء قبجق ورفقته عتبا هيّنا على عبور قازان إلى البلاد الشامية، فاعتذروا أن ذلك كان خوفا من الملك المنصور لاچين وحنقا من مملوكه مكوتمر، وأنّهم لمّا بلغهم قتل الملك المنصور لاچين كانوا قد تكلّموا مع قازان فى دخول الشام، ولا بقى يمكنهم الرجوع عمّا قالوه، ولا سبيل إلى الهروب من عنده، فقبلوا عذرهم وبعثوهم إلى الملك الناصر، فقدموا عليه