قال الشيخ صلاح الدين خليل بن أيبك فى تاريخه: حكى لى عنه عبد الغنى الفقير المعروف قال: لمّا مات الملك المنصور قلاوون (أعنى أستاذه) قال لى:
أحضر لى مقرئين يقرءون ختمة للسلطان، فأحضرت إليه جماعة فجعلوا يقرءون على العادة، فأحضر دبوسا وقال: كيف تقرءون للسلطان هذه القراءة! تقرءون عاليا، فضجّوا بالقراءة جهدهم، فلمّا فرغوا منها، قلت: يا خوند فرغت الختمة، فقال: يقرءون أخرى فقرءوها وقفزوا ما أرادوا، فلمّا فرغوا أعلمته، قال ويلك «١» ! السماء ثلاثة، والأرض ثلاثة، والأيام ثلاثة، والمعادن ثلاثة، وكل ما فى الدنيا ثلاثة، يقرءون أخرى! فقلت: اقرءوها واحمدوا الله تعالى على أنّه ما علم أن هذه الأشياء سبعة سبعة، فلمّا فرغوا [من «٢» ] الثلاثة وقد هلكوا من صراخهم، قال:
دعهم عندك فى التّرسيم إلى بكرة، ورح اكتب عليهم حجّة بالقسامة الشريفة بالله تعالى، وبنعمة السلطان أنّ ثواب هذه الختمات لمولانا السلطان الملك المنصور قلاوون؛ ففعلت ذلك وجئت إليه بالحجّة، فقال: هذا جيّد، أصلح الله أبدانكم وصرف لهم أجرتهم. وحكى عنه عدّة حكايات من هذا تدلّ على تغفّل كبير.
قلت: ويلحق أرجواش هذا بعقلاء المجانين فإنّ تدبيره فى أمر قلعة دمشق وقيامه فى قتال غازان له المنتهى فى الشجاعة وحسن التدبير. انتهى.
وفيها توفّى شمس «٣» الدين سعيد بن محمد بن سعيد بن الأثير فى سابع عشر ذى القعدة بدمشق، وكان رئيسا فاضلا كاتبا، كتب الإنشاء بدمشق سنين.
وفيها توفّى الشريف نجم الدين أبو نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن علىّ بن عبد الله