فيها وقع بين الأميرين: علم الدين سنجر البروانىّ وسيف الدين الطشلاقىّ على باب قلعة الجبل مخاصمة بحضرة الأمراء لأجل استحقاقهما فى الإقطاعات، لأنّ الطشلاقىّ نزل على إقطاع البروانىّ، وكان كل منهما فى ظلم وعسف. والبروانىّ من خواصّ بيبرس الجاشنكير، والطشلاقىّ من ألزام سلّار لأنه خشداشه، كلاهما مملوك الملك الصالح على ابن الملك المنصور قلاوون. ومات فى حياة والده قلاوون. فسطا الطشلاقىّ على البروانىّ وسفه عليه، فقام البروانىّ إلى بيبرس واشتكى منه فطلبه بيبرس وعنّفه، فأساء الطشلاقىّ فى ردّ الجواب وأفحش فى حقّ البروانىّ، وقال:
أنت واحد منفىّ تجعل نفسك مثل مماليك السلطان! فاستشاط بيبرس غضبا وقام ليضرب، فجرّد الطشلاقىّ سيفه يريد ضرب بيبرس، فقامت قيامة بيبرس وأخذ سيفه ليضربه، فترامى عليه من حضر من الأمراء وأمسكوه عنه، وأخرجوا الطشلاقىّ من وجهه بعد ما كادت مماليك بيبرس وحواشيه تقتله بالسيوف، وفى الوقت طلب بيبرس الأمير سنقر الكمالىّ الحاجب وأمر بنفى الطشلاقىّ إلى دمشق، فخشى سنقر من النائب سلّار ودخل عليه وأخبره، فأرسل سلّار جماعة من أعيان الأمراء إلى بيبرس، وأمرهم بملاطفته حتى يرضى عن الطشلاقىّ وأنّ الطشلاقىّ يلزم داره، فلمّا سمع بيبرس ذلك من الذين حضروا صرخ فيهم وحلف إن بات الطشلاقىّ الليلة بالقاهرة عملت فتنة كبيرة، فعاد الحاجب وبلّغ سلّار ذلك فلم يسعه إلّا السكوت لأنّهما (أعنى بيبرس وسلّار) كانا غضبا على الملك الناصر محمد وتحقّق كلّ منهما متى وقع بينهما الخلف وجد الملك الناصر طريقا لأخذهما واحدا بعد واحد، فكان كلّ من بيبرس وسلّار يراعى الآخر وقد اقتسما مملكة مصر، وليس للناصر معهما إلّا مجرّد الاسم فى السلطنة فقط. انتهى. وأحرج الطشلاقىّ من وقته وأمر سلّار الحاجب بتأخيره فى بلبيس حتّى يراجع بيبرس فى أمره، فعند