طول الليل فباتوا على ذلك، وأصبحوا من الغد وفد جلس السلطان الملك الناصر على كرسىّ الملك وهو يوم الخميس ثانى شوّال. وحضر الخليفة أبو الربيع سلمان والقضاة والأمراء وسائر أهل الدولة للهناء «١» ، فقرأ الشيخ شمس الدين محمد بن علىّ ابن موسى الداعى:«قل اللهمّ مالك الملك تؤتى الملك من تشاء» الآية. وأنشد بعض الشعراء هذه الأبيات:
تهنّأت الدنيا بمقدمه الذي ... أضاءت له الآفاق شرقا ومغربا
وأمّا سرير الملك فاهتز رفعة ... ليبلغ فى التشريف قصدا ومطلبا
وتاق إلى أن يعلو الملك فوقه ... كما قد حوى من قبله الأخ والأبا
وكان ذلك بحضرة الأمراء والنوّاب والعساكر، ثم حلّف السلطان الجميع على طبقاتهم ومراتبهم الكبير منهم والصغير.
ولمّا تقدّم الخليفة ليسلّم على السلطان نظر إليه وقال له: كيف تحضر وتسلّم على خارجىّ؟ هل كنت أنا خارجيّا؟ وبيبرس من سلالة بنى العباس؟ فتغيّر وجه الخليفة ولم ينطق.
قلت: والخليفة هذا، كان الملك الناصر هو الذي ولّاه الخلافة بعد موت أبيه الحاكم بأمر الله.
ثم التفت السلطان إلى القاضى علاء الدين علىّ بن عبد الظاهر الموقّع وكان هو الذي كتب عهد المظفّر بيبرس عن الخليفة، وقال له: يا أسود الوجه، فقال ابن عبد الظاهر من غير توقّف: يا خوند، أبلق خير من أسود. فقال السلطان:
ويلك! حتّى لا تترك رنكه «٢» أيضا، يعنى أنّ ابن عبد الظاهر كان ممّن ينتمى