وأن يضمنا له عن السلطان أنه يريد إقامته عنده يستشيره فى أمور المملكة، فقدما على سلّار وبلّغاه عن السلطان ما قال، فوعدهما أنه يحضر، وكتب الجواب بذلك، فلما رجعا اشتد قلق السلطان وكثر خياله منه.
وأمّا سلّار فإنه تحيّر فى أمره واستشار أصحابه فاختلفوا عليه، فمنهم: من أشار بتوجّهه إلى السلطان، ومنهم من أشار بتوجّهه إلى قطر من الأقطار: إمّا إلى التتار أو إلى اليمن أو إلى برقة، فعوّل على المسير إلى اليمن، ثم رجع عن ذلك وأجمع على الحضور إلى السلطان، وخرج من الشّوبك وعنده ممّن سافر معه [من مصر «١» ] أربعمائة وستون فارسا، فسار إلى القاهرة، فعند ما قدم على الملك الناصر قبض عليه وحبسه بالبرج «٢» من قلعة الجبل، وذلك فى سلخ شهر «٣» ربيع الأوّل سنة عشر وسبعمائة. ثم ضيّق السلطان على الأمير برلغى بعد رواح الأمير مهنّا، وأخرج حريمه من عنده؛ ومنع ألّا يدخل إليه أحد بأكل ولا شرب حتى أشفى على الموت ويبست أعضاؤه وخرس لسانه من شدّة الجوع، ومات ليلة الأربعاء ثانى شهر رجب.
وأمّا أمر سلّار فإنه لما حضر بين يدى الملك الناصر عاتبه عتابا كثيرا وطلب منه الأموال، وأمر الأمير سنجر الجاولى أن ينزل معه ويتسلّم منه ما يعطيه من الأموال، فنزل معه إلى داره ففتح سلّار سربا تحت الأرض، فأخرج منه سبائك ذهب وفضّة وجرب من [الأديم «٤» ] الطائفىّ، فى كل جراب عشرة آلاف دينار، فحملوا من ذلك السّرب أكثر من [حمل «٥» ] خمسين بغلا من الذهب والفضة، ثم طلع سلّار إلى الطارمة «٦» التى كان يحكم عليها فخفروا تحتها، فأخرجوا سبعا وعشرين خابية مملوءة