الماء فيها صيفا وشتاء، فندب السلطان معه محمد بن كندغدى المعروف بابن الوزيرىّ «١» ، وفرض العمل على سائر الأمراء فأخرج كلّ منهم أستاداره ورجاله، وركب ولاة الأقاليم، ووقع العمل فيه من شهر رجب سنة عشر وسبعمائة، وكان فيه نحو الأربعين ألف رجل تعمل. وكان قياس العمل من فم البحر إلى شنبار «٢» ثمانى آلاف قصبة، ومثلها إلى الإسكندرية. وكان الخليج الأصلىّ من حدّ شنبار «٣» يدخل الماء إليه فجعل فم هذا البحر يرمى إليه، وعمل عمقه ستّ قصبات فى عرض ثمانى قصبات. فلمّا وصل الحفر إلى حدّ الخليج الأوّل حفر بمقدار الخليج المستجدّ وجعلا «٤» بحرا واحدا، وركّب عليه القناطر، ووجد فى الخليج من الرّصاص المبنىّ تحت الصهاريج شىء كثير، فأنعم به على الأمير بكتوت. فلما فرغ ابتنى الناس عليه سواقى واستجدّت عليه قرية عرفت بالناصريّة «٥» ؛ فبلغ ما أنشئ عليه زيادة على مائة ألف فدّان ونحو ستمائة ساقية وأربعين «٦» قرية، وسارت فيه المراكب الكبار، واستغنى أهل التغر عن جرى الماء فى الصهاريج. وعمّر عليه نحو الألف غيط، وعمّرت به عدّة بلاد.
وتحوّلت الناس إلى الأراضى التى عمّرت وسكنوها بعد ما كانت سباخا. فلمّا فرغ ذلك ائتنى بكتوت هذا من ماله جسرا أقام فيه ثلاثة أشهر حتّى بناه رصيفا، وأحدث عليه نحو ثلاثين قنطرة بناها بالحجارة والكلس، وعمل أساسه رصاصا، وأنشأ بجانبه