وقيل: إن سبب عزله عن مصر أن دعاة بني العباس أرسلوا إليه سراً، فأكرمهم ووعدهم، فبلغ ذلك هشاماً فعزله. وكان من أمر دعاة بني العباس أنه وجه بكير ابن ماهان عمار بن زيد «١» إلى خراسان والياً عليها على شيعة بني العباس، فنزل مرو وغير اسمه وتسمى بخداش ودعا الناس إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، فتسارع الناس إليه وأطاعوه، ثم غير ما دعاهم إليه وأظهر دين الخرمية «٢» ورخص لبعضهم في نساء بعض، وقال: إنه لا صوم ولا صلاة ولا حج، وإن تأويل الصوم أن يضام عن ذكر الإمام فلا يباح باسمه، والصلاة: الدعاء له، والحج: القصد إليه؛ وكان يتأول من القرآن قوله تعالى: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
، فنفر من كان أطاعه عنه.
وكان خداش المذكور نصرانياً بالكوفة وأسلم ولحق بخراسان، وكان ممّن اتبعه على مقالته مالك بن الهيثم والحريش بن سليم الأعجمي وغيرهما وأخبرهم أن محمد بن علي أمره بذلك، فبلغ خبره أسد بن عبد الله القسري فظفر به، فأغلظ القول لأسد فقطع لسانه وسمل عينيه بعد أن سأله عمن وافقه، فذكر جماعةً، منهم أمير مصر عبد الرحمن هذا، وليس ذلك بصحيح، ثم أمر أسد بيحيى بن نعيم الشّيبانىّ فصلب، ثم أتى أسد بحزوّر «٣» مولى المهاجر بن دارة الضّبىّ فضرب عتقه بشاطئ النهر.