للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان سبب خلع الملك المنصور هذا أنّ المنصور كان قرّب الأمير يلبغا اليحياوىّ وشغف به شغفا كثيرا، ونادم الأمير ملكتمر الحجازىّ واختصّ به وبالأمير طاجار الدّوادار وبالأمير قطليجا الحموى وجماعة من الخاصّكيّة، وعكف على اللهو وشرب الخمر وسماع الملاهى فشقّ ذلك على الأمير قوصون وغيره لأنّه لم يعهد من ملك قبله شرب خمر فيما روى، فحملوا الأمير طقزدمر النائب على محادثته فى ذلك وكفّه عنه فزاده لومه إغراء وأفحش فى التّجاهر باللهو، حتى تكلّم به كلّ أحد من الأمراء والأجناد والعامّة، فصار فى الليل يطلب الغلمان لإحضار المغانى، فغلب عليه السّكر فى بعض الليالى فصاح من الشّباك على الأمير أيدغمش أمير آخور:

هات لى قطقط «١» ، فقال أيدغمش: ياخوند، ما عندى فرس بهذا الاسم، فتكلّم بذلك السّلاخوريّة «٢» والركابيّة «٣» وتداولته الألسنة.

قلت: وأظن قطقط كانت امرأة مغنّية. والله أعلم.

فلمّا زاد أمره طلب الأمير قوصون طاجار الدّوادار والشّهابىّ شادّ العمائر، وعنّفهما ووبّخهما وقال لهما: سلطان مصر يليق به أن يعمل مقامات ويحضر إليه البغايا والمغانى! أهكذا كان يفعل والده؟ وعرّفهم أن الأمراء قد بلغهم ذلك وتشوّش خواطرهم، فدخلوا وعرّفوا السلطان كلامه، وزادوا فى القول، فأخذ جلساء الملك المنصور فى الوقيعة فى قوصون والتحدث فى القبض عليه وعلى الأمير