[ابن «١» ] أستاذكم قلتم: ما لنا ابن أستاذ غير قوصون، والآن تشكوا منه! فاعتذروا له ومضوا به؛ وقد حضر الأحمدىّ فاجتمعوا به، وتوجّهوا إلى منكلى بغا الفخرىّ فإذا قد وافاه برسبغا من عند قوصون، فأرادوا أن يوقعوا به فكفّهم الفخرىّ عنه، هذا وقوصون قد بلغه خبرهم، فأراد أن يخرج ويجمع الأمراء فما زال به من عنده حتّى سكن إلى بكرة النهار، فكانت تلك الليلة ليلة مهولة.
ثمّ طلب الأمير قوصون چنكلى والأحمدىّ والفخرىّ وبقيّة الأمراء إليه، وأغراهم بالمماليك السلطانيّة وخوّفهم عاقبة أمرهم من استخفافهم بالأمراء، فبعثوا بالأمير مسعود الحاجب إليهم ليحضرهم فإذا جمعهم قد كثف وكثر، فلم يلتفتوا إليه فعاد فخرج إليهم ألطنبغا الماردانىّ وقطلوبغا الفخرىّ وهما أكبر الأمراء الخاصّكيّة من خشداشيتهم، وما زالا بهم حتّى أخذا من وقع عليه الطلب، ودخلوا بهم إلى قوصون، فقبّلوا يده فقام لهم وقبّل رأسهم وطيّب خواطرهم ووعدهم بكلّ خير وانصرفوا، وفى ذهن قوصون أنّه قد حصل الصلح، وذلك فى يوم السبت. فلمّا كان [ليلة «٢» ] الاثنين وقت الغروب تحالف المماليك الناصريّة على قتل قوصون وبعثوا إلى من بالقاهرة منهم، فبات قوصون- وقد بلغه ذلك- على حذر، وركب يوم الاثنين ثامن عشر ربيع الآخر الموكب مع الأمراء تحت القلعة، وطلب أيدغمش أمير آخور، وأخذ قوصون يلوم الأمراء فى إقامته فى نيابة السلطنة، وهم يترضّوه ويعدوه بالقيام معه، فأدركه الأمير بيبرس الأحمدىّ وأعلمه بأنّ المماليك السلطانيّة قد اتفقوا على قتله، فمضى بهم (أعنى الأمراء) إلى جهة قبّة النصر فآرتجّت القلعة وقفلت أبوابها، ولبست