قوصون بتسمير عدّة من العوامّ فسمّر منهم تسعة على باب زويلة، ثم أمر بالركوب على العامّة وقبضهم ففرّوا حتّى إنهم لم يقدروا منهم على حرفوش «١» واحد، ثم طلع قوصون إلى القلعة قريب العصر، ومدّ للأمراء سماطا فأكلوا وبقيت الأطلاب «٢» والأجناد واقفة تحت القلعة إلى آخر النهار، فكان ذلك اليوم من الأيام المشهودة، وكان جملة من قتل فيه من الفئتين ثمانية وخمسين رجلا وانصرف الناس.
ثم فى ليلة الثلاثاء طلع الأمير برسبغا الحاجب إلى طباق «٣» المماليك بالقلعة ومعه عدّة من المماليك وقبضوا على مائة مملوك منهم وعملوا فى الحديد وحبسوا بخزانة شمائل، فمنهم من قتل ومنهم من نفى من مصر. ثم فى يوم الثلاثاء تاسع عشر ربيع الآخر سمّر قوصون تسعة من العوام. ثم فى يوم الأربعاء عشرينه سمّر قوصون أيضا ثلاثة من الطواشيّة فى عدّة من الحرافيش على باب زويلة، وسبب ذلك أنّ قوصون لما نزل من القلعة ومضى إلى قبّة النصر وقابلته المماليك السلطانيّة أخذت الطواشيّة فى الصياح على نسائه وأفحشوا فى سبّهنّ، واستمر الطواشيّة فى التسمير حتى مات أحدهم وشفع فى الاثنين. ثم عرض قوصون مماليك الأطباق، وأنعم على مائتين منهم بإقطاعات كبيرة، وعيّن جماعة منهم بإمريات. ثم أكثر قوصون من الإحسان إليهم وبينما قوصون فى ذلك قدم عليه كتب نائب الشام وأمراء الشام.
وفيها كتب أحمد ابن السلطان الملك الناصر لهم مختومة لم تفكّ ففتحها قوصون فإذا فيها لنائب الشام أنه كاتب لنائب حلب الأمير طشتمر الساقى حمص أخضر وغيره