في جماعة من الأشراف في آخر السنة، واستفحل أمر الصفرية وبايعوا الشيخ عبد الواحد بالخلافة، فلم يتم أمره وقتل بعد حروب كثيرة. وقتل في هذه الواقعة وغيرها في هذه السنة خلائق كثيرة. وكان عبيد الله بن الحبحاب قد جهز جيشاً آخر مع حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة الفهري إلى جزيرة صقلية فظفر حبيب المذكور ظفراً ما سمع بمثله، وسار حتى نزل على أكبر مدائن صقلية، وهي مدينة سرقوسة «١» ، وهابته النصارى وذلوا لإعطاء الجزية، ووقع بالمغرب في هذه السنة حروب مهولة متداولة. وفيها توفي شهيداً زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وصلب مدة طويلة، وقد تقدم ذكر واقعته في سنة إحدى وعشرين ومائة.
وفيها توفي إياس بن معاوية بن قرة بن إياس المزني البصري، من الطبقة الثالثة من تابعي أهل البصرة، وكنيته أبو واثلة، وكان قاضياً على البصرة، وكان سيداً فاضلاً ذكياً، له نوادر غريبة، كان يقول: أذكر ليلة ولدت وضعت أمي على رأسي جفنة.
قال إياس: قلت لأمي: ما شيء سمعته عند ولادتي يا أمي «٢» ؟ فقالت: طست وقع من أعلى الدار ففزعت فولدتك في تلك الساعة. قلت: وعلى هذا يكون سماعه لذلك وهو في بطن أمه، فإنها لما سمعت الضجة ولدت من الفزع. فيكون سماع إياس لذلك قبل أن ينزل من بطن أمه. اهـ. وفيها توفي بلال بن سعد بن تميم السكوني «٣»(بفتح السين المهملة) من الطبقة الرابعة من تابعي أهل الشأم، كان بالشأم مثل الحسن البصري في العراق، وكان إمام جامع دمشق، فكان إذا كبر سمع صوته من الأوزاع (قرية على باب الفراديس) ولم يكن البنيان يومئذ متصلاً؛ هكذا نقل أبو المظفر في تاريخه «مرآة الزمان» . وفيها توفي الأمير مسلمة ابن الخليفة عبد الملك