زوّجها ملكتمر الحجازىّ بخدّامها وجواريها، ومغانيها تضرب بالدفوف والشّبّابات «١» فرحّابه، ومعها أختها زوجة بشتك تساعدها بالفرح وهى شامتة بقوصون لكونه قتل زوجها بشتك الناصرىّ قبل تاريخه هذا. وأختها بنت الملك الناصر الأخرى زوجة قوصون بجانبها فى عويل وبكاء وصياح ولطم على قوصون. وقد افترق جوارى الملك الناصر وأولاده فرقتين، فرقة مع الحجازية وفرقة مع القوصونيّة، والعجب أن هذا الفرح والعزاء كان قبل ذلك بالعكس، فكان العزاء إذ ذاك فى بيت الحجازىّ، والفرح فى بيت قوصون، والآن العزاء فى بيت قوصون والفرح فى بيت الحجازى وزوجة بشتك وإن كان فرط فى زوجها الفرط، فهى تساعد أختها الحجازيّة شماتة بقوصون، فحالها كقول من قال:
وما من حبّه أحنو عليه ... ولكن بغض قوم آخرين
فآنظر إلى هذا الدهر وتقلباته بأسرع وقت من حال إلى حال، فنعوذ بالله من زوال النّعم.
ثم قدم بعد ذلك كتب الأمراء المتوجّهين إلى الكرك لإحضار الملك الناصر، أنهم لمّا قربوا من الكرك بعث كلّ منهم مملوكه يعرّف السلطان الملك الناصر بحضورهم إلى الكرك فبعث إليهم الملك الناصر رجلا نصرانيّا من نصارى الكرك يقول: يا أمراء، السلطان يقول لكم: إن كان معكم كتب فهاتوها أو مشافهة فقولوها، فدفعت الكتب إلى النصرانىّ فمضى بها ثم عاد من آخر النهار بكتاب مختوم وقال عن السلطان: سلّم على الأمراء وعرّفهم أن يقيموا بغزّة حتّى يرد عليهم ما يعتمدوه. وحضر مملوك من قبله يأمر الأمير قمارى بالإقامة على ناحية