ثم وقعت الوحشة بين الأمير أرغون العلائى والأمير ملكتمر الحجازىّ وبين الحاج آل ملك نائب السلطنة وصار الحجازى والعلائى معا على آل ملك النائب، ووقع بين آل ملك والحجازى أمور يطول شرحها، وكان الحجازى مولعا بالخمر وآل الملك ينهى عن شربها، فكان كلّما ظفر بأحد من حواشى الحجازى مثّل به فتقوم قيامة الحجازىّ لذلك، وتفاوضا غير مرّة بسبب هذا فى مجلس السلطان، وأرغون العلائى يميل مع الحجازى لما فى نفسه من آل ملك وداما على ذلك مدّة.
وأما السلطان فإنه بعد مدّة نزل إلى سرياقوس بتجمّل زائد على العادة فى كل سنة. ثم عاد إلى القلعة بعد أيام، فورد عليه قصّاد صاحب الروم وقصّاد صاحب الغرب. ثم بدا للسلطان الحجّ فتهيّأ لذلك وأرسل يطلب العربان وأعطاهم الأموال بسبب كراء الجمال، فتغيّر مزاجه فى مستهلّ شهر ربيع الأول ولزم الفراش ولم يخرج إلى الخدمة أياما، وكثرت القالة بسبب ضعفه، وتحسّنت الأسعار. ثم أرجف بموت السلطان فى بعض الأيام، فأغلقت الأسواق حتّى ركب الوالى والمحتسب وضربوا جماعة وشهّروهم، ثم اجتمعوا الأمراء ودخلوا على السلطان وتلطّفوا به حتّى أبطل حركة الحجّ، وكتب بعود طقتمر من الشام، واستعادة الأموال من العربان، وما زال السلطان يتعلّل إلى أن تحرك أخوه شعبان واتفق مع عدّة مماليك وقد انقطع خبر السلطان عن الأمراء، وكتب السلطان بالإفراج عن المسجونين من الأمراء وغيرهم بالأعمال، وفرّقت صدقات كثيرة، ورتّبت جماعة لقراءة «صحيح البخارى» فقوى أمر شعبان، وعزم أن يقبض على النائب فاحترز النائب منه، وأخذ أكابر الأمراء فى توزيع أموالهم وحرمهم فى الأماكن، ودخلوا على السلطان وسألوه أن يعهد لأحد من إخوته، فطلب النائب وبقيّة الأمراء فلم يحضر إليه أحد منهم، وقد اتّفق الأمير أرغون العلائى مع جماعة على إقامة شعبان فى الملك، وفرّق فيهم