وكان سبب سلطنة الملك الكامل هذا أنه لمّا اشتدّ مرض أخيه الملك الصالح إسماعيل دخل عليه زوج أمّه ومدبّر مملكته الأمير أرغون العلائىّ فى عدّة من الأمراء ليعهد الملك الصالح إسماعيل بالملك لأحد من إخوته. وكان أرغون العلائى المذكور غرضه عند شعبان كونه أيضا ربيبه ابن زوجته، فعارضه فى شعبان الأمير آل ملك نائب السلطنة حسب ما ذكرنا طرفا من ذلك فى مرض الملك الصالح المذكور. ثم وقع ما ذكرناه إلى أن اتّفق المماليك والأمراء على توليته، وحضروا إلى باب القلّة «١» واستدعوا شعبان المذكور، وألبسوه أبّهة السلطنة وأركبوه بشعار الملك ومشت الأمراء بخدمته، والجاوشيّة تصيح بين يديه على العادة، حتى قرب من الإيوان لعب الفرس تحته وجفل من صياح الناس، فنزل عنه ومشى خطوات بسرعة إلى أن طلع إلى الإيوان «٢» فتفاءل الناس بنزوله عن فرسه أنّه لا يقيم فى السلطنة إلّا يسيرا. ولمّا طلع الى الإيوان وجلس على الكرسىّ وباسوا الأمراء له الأرض وأحضروا المصحف ليحلفوا له، فحلف هو أوّلا أنّه لا يؤذيهم، ثم حلفوا له بعد ذلك على العادة. ودقّت البشائر بسلطنته بمصر والقاهرة، وخطب له من الغد على منابر مصر والقاهرة، وكتب بسلطنته إلى الأقطار.
ثم فى يوم الاثنين ثامن شهر ربيع الآخر المذكور جلس الملك الكامل بدار العدل «٣» ، وجدّد له العهد من الخليفة بحضرة القضاة والأمراء، وخلع على الخليفة وعلى القضاة والأمراء، وكتب بطلب الأمير آق سنقر الناصرى من طرابلس وسأل