قال مصعب الزبيري: زعموا أن عبد الملك رأى في منامه أنه بال في المحراب أربع مرات، فدس من يسأل سعيد بن المسيب عنها، وكان يعبر الرؤيا، وعظمت على عبد الملك، فقال سعيد بن المسيب: يملك من ولده لصلبه أربعة، فكان هشام هذا آخرهم، لأن أولهم الوليد، ثم سليمان، ثم يزيد، ثم هشام.
قال حماد الراوية: لما ولي هشام الخلافة طلبني فحضرت عنده فوجدته جالساً في فرش قد غرق فيه، وبين يديه صحفة من ذهب مملوءة مسكاً مذوباً بماء ورد وهو يقلبه بيده فتفوح رائحته، فسلمت عليه فرد علي السلام، وقال: يا حماد، إني ذكرت بيتاً من الشعر ما عرفت قائله وهو هذا:
ودعوا بالصبوح يوماً فجاءت ... قينة في يمينها إبريق
فقلت: هو لعدي بن زيد، فقال: أنشدني القصيدة، فأنشدته إياها، فقال:
سل حاجتك، وكان على رأسه جاريتان كأنهما أقمار، وفي أذن كل واحدة منهما جوهرتان يضيء منهما المنزل، فقلت: يا أمير المؤمنين، جارية من هاتين، فقال:
هما لك، وأمر لي بمائة ألف درهم.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربعة أذرع وثمانية أصابع، مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعاً وثلاثة عشر إصبعاً.
السنة الثالثة من ولاية حفص بن الوليد الثانية على مصر وهي سنة ست وعشرين ومائة- فيها خرج يزيد بن الوليد بن عبد الملك على أبن عمه الخليفة الوليد ابن يزيد بن عبد الملك لما أنتهك الوليد المذكور الحرمات وكثر فسقه وسئمته الرعية على قصر مدته، فبويع يزيد هذا بالمزة «١» ووثب على دمشق وجهز عسكراً لقتال الخليفة