قال: وأخذ يوما المصحف وفتحه، فأوّل ما طلع له وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
، فقال: أتوعدني! ثم علقه ولا زال يضربه بالنشاب حتى خرقه ومزّقه وهو ينشد:
أتوعد كل جبار عنيد ... فهأنا ذاك جبار عنيد
إذا لاقيت ربك يوم حشر ... فقل يا رب خرقني الوليد
ولما كثر فسقه خلعوه من الخلافة بابن عمه يزيد بن الوليد وقتلوه في جمادى الآخرة، وكانت خلافته سنة وثلاثة أشهر، وتوفي ابن عمه يزيد المذكور بعده بمدة يسيرة، كما سيأتي ذكره. وفيها توفي سعيد «١» بن مسروق والد سفيان الثوري؛ وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، الهاشمي «٢» الأموي الدمشقي أبو خالد، المعروف بيزيد الناقص، لأنه نقص الجند من عطائهم لما ولي الخلافة، وكان الوليد ابن عمه زاد الجند زيادات كثيرة فنقصها يزيد هذا لما ولي الخلافة ومشى الأمور على عاداتها. وثب يزيد على الخلافة لما كثر فسق ابن عمه الوليد، وتم أمره بعد قتل الوليد، وبويع بالخلافة في جمادى الآخرة من سنة ست وعشرين ومائة المذكورة. وأم يزيد هذا شاه «٣» فرند بنت فيروز بن يزدجرد، حكي أن قتيبة بن مسلم ظفر بما وراء النهر بابنتي فيروز فبعث بهما إلى الحجاج بن يوسف، فبعث الحجاج بإحداهما، وهي شاه فرند، إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك فأولدها يزيد هذا، وكانت أم فيروز بن يزدجرد بنت شيرويه بن كسرى، وأم شيرويه بنت خاقان، وأم أم فيروز هي بنت قيصر عظيم الروم، ولهذا كان يزيد يفتخر ويقول: