شاهد «١» الخزانة، وبنى عليها من ليلته، بعد ما جليت عليه، وفرش تحت رجليها ستون شقّة أطلس، ونثر عليها الذهب. ثم ضربت بعودها وغنّت فأنعم السلطان عليها بأربعة فصوص وستّ لؤلؤات، ثمنها أربعة «٢» آلاف دينار.
قلت: وهذا ثالث سلطان من أولاد ابن قلاوون تزوّج بهذه الجارية السوداء، وحظيت عنده، فهذا من الغرائب، على أنها كانت سوداء حالكة لا مولّدة، فإن كان من أجل ضربها بالعود وغنائها فيمكن من تكون أعلى منها رتبة فى ذلك وتكون بارعة الجمال بالنسبة إلى هذه. فسبحان المسخّر.
وفى ثانى شوّال «٣» أنعم السلطان على الأمير طنيرق مملوك أخيه يوسف بتقدمة ألف بالديار المصريّة دفعة واحدة، نقله من الجنديّة إلى التقدمة لجمال صورته، وكثر كلام المماليك بسبب ذلك. ثم رسم السلطان بإعادة ما كان أخرج عن اتّفاق العوّادة من خدّامها وجواريها، وغير ذلك من الرواتب، وطلب السلطان عبد علىّ العوّاد المغنّى معلّم اتفاق إلى القلعة وغنّى السلطان فأنعم عليه بإقطاع فى الحلقة زيادة على ما كان بيده وأعطاه مائتى دينار وكامليّة حرير بفرو سمّور. وانهمك أيضا الملك المظفّر فى اللذات، وشغف باتفاق حتى شغلته عن غيرها وملكت قلبه، وأفرط فى حبّها، فشقّ ذلك على الأمراء والمماليك وأكثروا من الكلام، حتّى بلغ السلطان، وعزم على مسك جماعة منهم، فما زال به النائب حتى رجع عن ذلك.