للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجتماع بالأوباش وأراذل الطوائف من الفراشين والبابية «١» ومطيّرى الحمام، فكان السلطان يقف معهم ويراهن على الطير الفلانى والطيرة الفلانيّة؛ وبينما هو ذات يوم معهم عند حضير الحمام، وقد سيّبها إذ أذّن العصر بالقلعة والقرافة فجفلت الحمام عن مقاصيرها وتطايرت فغضب وبعث إلى المؤذّنين يأمرهم أنهم إذا رأوا الحمام لا يرفعون أصواتهم. ويلعب مع العوامّ بالعصىّ وكان السلطان إذا لعب مع الأوباش يتعرّى ويلبس تبّان «٢» جلد ويصارع معهم ويلعب بالرّمح والكرة، فيظلّ نهاره مع الغلمان والعبيد فى الدهيشة، وصار يتجاهر بما لا يليق به أن يفعله.

ثم أخذ مع ذلك كلّه فى التدبير على قتل أخيه حسين، وأرصد له عدّة خدّام ليهجموا عليه عند إمكان الفرصة ويغتالوه، فبلغ حسينا ذلك فتمارص واحترس على نفسه فلم يجدوا منه غفلة.

ثم فى سابع عشر شعبان توفّى الخليفة أبو الربيع سليمان، وبويع بالخلافة ابنه أبو بكر ولقّب بالمعتصم بالله أبى الفتح. وفى آخر شعبان قدم الأمراء من الصيد شيئا بعد شىء وقد بلغهم ما فعله السلطان فى غيبتهم، وقدم ابن الحرّانى من دمشق بمال يلبغا اليحياوى فتسلّمه الخدّام، وأنعم السلطان من ليلته على حظيّته «كيدا» من المال بعشرين ألف دينار، سوى الجواهر واللآلئ ونثر الذهب على الخدّام والجوارى، فاختطفوه وهو يضحك، وفرّق على لعّاب الحمام والفراشين والعبيد الذهب واللؤلؤ، وهو يحذفه عليهم وهم يترامون عليه ويأخذوه بحيث إنه لم يدع من مال يلبغا سوى