للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما أنزلوه وأرادوا ذبحه قال لهم: بالله لا تستعجلوا علىّ، خلونى ساعة، فقالوا:

كيف استعجلت أنت على قتل الناس! لو صبرت عليهم صبرنا عليك فذبحوه.

وقيل: إنّهم لما أنزلوه عن فرسه كتّفوه وأحضروه بين يدى النائب أرقطاى ليقتله، فلما رآه النائب نزل عن فرسه وترجّل ورمى عليه قباءه وقال: أعوذ بالله، هذا سلطان ابن سلطان ما أقتله! فأخذوه ومضوا إلى الموضع الذي ذبحوه فيه، وفيه يقول الشيخ صلاح الدين الصفدى: [الخفيف]

أيها العاقل اللبيب تفكّر ... فى المليك المظفّر الضّرغام

كم تمادى فى البغى والغىّ حتى ... كان لعب الحمام جدّ الحمام

وفيه يقول: [المجتث]

حان الرّدى للمظفّر ... وفى التراب تعفّر

كم قد أباد أميرا ... على المعالى توفّر

وقاتل النفس ظلما ... ذنوبه ما تكفّر

ثم صعد الأمراء القلعة من يومهم، ونادوا فى القاهرة بالأمان والاطمئنان وباتوا بالقلعة ليلة الاثنين، وقد اتّفقوا على مكاتبة نائب الشام والأمير أرغون شاه بما وقع، وأن يأخذوا رأيه فيمن يقيموه سلطانا فأصبحوا وقد اجتمع المماليك على إقامة حسين ابن الملك الناصر محمد عوضا عن أخيه المظفّر فى السلطنة ووقعت بين حسين وبينهم مراسلات فقام المماليك فى أمره فقبضوا الأمراء على عدّة منهم ووكّلوا الأمير طاز بباب حسين، حتّى لا يجتمع به أحد من جهة المماليك، وأغلقوا باب القلعة، واستمرّوا بآلة الحرب يومهم وليلة الثلاثاء «١» ، وقصد المماليك إقامة الفتنة، فحاف الأمراء تأخير السلطنة حتى يستشيروا نائب الشام أن يقع من المماليك مالا يدرك فارطه، فوقع اتّفاقهم عند ذلك على حسن فسلطنوه فتمّ أمره.