لكونكم بئس الأمة، فضحك الناس من قوله، فحبس وكشف عن أمره، فوجدوا له نحو اثنى عشر يوما من حين خرج من عند المجانين.
وفى يوم الأربعاء عاشر شهر رجب قدم كتاب الأمير أرغون الكاملىّ نائب الشام يتضمن أنه قبض على قاصد الأمير منجك الوزير بكتابه إلى أخيه ببيغا أرس نائب حلب يحسّن، له الحركة والعصيان، وأرسل الكتاب وإذا فيه أنه اتفق مع سائر الأمراء، وما بقى إلا أن يركب ويتحرّك، فاقتضى الرأى التأنّى حتى يحضر الأمراء والنائب إلى الخدمة من الغد ويقرأ الكتاب عليهم ليدبّروا الأمر على ما يقع عليه الاتفاق، فلمّا طلع الجماعة من الغد، إلى الخدمة لم يحضر منجك، فطلب فلم يوجد، وذكر حواشيه أنهم من عشاء الآخرة لم يعرفوا «١» خبره، فركب الأمير صرغتمش فى عدّة من الأمراء وكبس بيوت جماعته فلم يقع له على خبر، وتفقدوا مماليكه ففقد منهم اثنان، فنودى عليه من القاهرة، وهدّد من أخفاه وأخرج عيسى ابن حسن الهجان فى جماعة من عرب العائذ على النّجب لأخذ الطرقات عليه، وكتب إلى العربان ونوّاب الشام وولاة الأعمال على أجنحة الطيور بتحصيله فلم يقدروا عليه، وكبست بيوت كثيرة.
ثمّ فى يوم الأربعاء رابع عشرين شهر رجب قدم الخبر بعصيان الأمير أحمد الساقى نائب حماة وبعصيان الأمير بكلمش نائب طرابلس.
وفى يوم السبت سابع عشرينه، كتب بإحضار الأمير بيبغا أرس نائب حلب الى الديار المصرية، وكتب ملطّفات لأمراء حلب تتضمّن أنّه: إن امتنع من الحضور فهو معزول، ورسم لحامل الكتاب أن يعلم بيبغا أرس بذلك مشافهة بحضرة أمراء حلب.