قلت: ولا بعده إلى يومنا هذا، (أعنى لواحد فى وقت واحد) .
وعظم فى الدولة ونالته السعادة، حتى إنه كان يخلع عليه فى ساعة واحدة ثلاث خلع ويخرج له ثلاث أفراس، ونفذت كلمته وقويت مهابته، واتّجر فى جميع الأصناف حتى فى الملح والكبريت، ولمّا صار فى هذه الرتبة كثرت حسّاده وسعوا فيه عند صرغتمش وأغروه به، حتى كان من أمره ما كان. وكان يقوم بكلف شيخون جميعها من ماله وصار صرغتمش يسمع شيخون بسببه الكلام، ويقول: لو مكنتنى منه أخذت منه للسلطان ما هو كيت وكيت، وشيخون يعتذر له ويقول:
لا يوجد من يسدّ مسدّه، وإن كان ولا بدّ يقرّر عليه مال ويستمرّ على وظائفه، وبينما هم فى ذلك قدم الخبر بعصيان بيبغا أرس، فاشتغل صرغتمش عنه حتى سافروا وعادوا إلى القاهرة، ووقع من أمر الخلعة ما حكيناه
ثم انتدب جماعة بعد مسكه للسعى فى هلاكه وأشاعوا أنه باق على دين النّصرانية، أثبتوا فى ذهن صرغتمش ذلك، وأنه لمّا دخل إلى القدس فى سفرته هذه بدأ فى زيارته بالقمامة «١» فقبّل عتبتها وتعبّد فيها ثم خرج إلى المسجد الأقصى فأراق الماء فى بابه ولم يصلّ فيه وتصدّق على النصارى ولم يتصدّق على غيرهم، ورتّبوا فتاوى أنه ارتدّ عن دين الإسلام.
وكان أجلّ من قام عليه الشريف شرف الدين نقيب الأشراف والشريف أبو العباس الصّفراوىّ وبدر الدين ناظر الخاصّ والصوّاف تاجر الأمير صرغتمش، وأشهد «٢» عليه أنّ جميع ما يملكه للسلطان من مال بيت المال دون ماله. ثم